هناك أرتباط وثيق بين تدخين السجائر من جهة والإدمان فيما بعد على تعاطي المخدرات من جهة أخرى، حيث تعتبر الكثير من دراسات طب وعلاج الإدمان أن التدخين هو بمثابة وضع المدخن ضمن قوائم المحتملين تعرضهم لاستخدام المخدرات.
وفي هذا السياق يقول معتز. م. (مدمن متعافي)، إن قصته العنيفة مع إدمان المخدرات بدأت من نفس البدايات المعتادة لدى الكثير من المدمنين، ألا وهي تدخين السجائر، وبحسب قوله كان ذلك عند سن 11 سنة.
ويوضح أن ما جذبه نحو التدخين هو رغبة في تقليد من هم أكبر منه سنًا، حيث كان تدخين السجائر هو بمثابة الصفة الرجولية الأبرز التي كان لا يرى سواها خلال تلك الفترة المبكرة من حياته.
ويشير إلى أن فترة تدخينه لم تتجاوز الـ 3 سنوات، حيث قفز وهو في سن الـ 14 سنة إلى تعاطي المخدرات، لافتًا إلى أنه لم يتعرض لضغوط من أحد لتجربة المخدرات، بينما يرجع ذلك الأمر إلى أتفاق بينه وبين مجموعة من أصدقائه للاتجاه للمخدرات عقب انتهائهم من أمتحانات نهاية العام، وبدأت أولى مرات التعاطي في جلسة أحتفالًا بنهاية السنة الدراسية.
ويضيف بأن أسهل أنواع المخدرات التي كان يمكن أن يتحصلوا عليها في هذا التوقيت هي الخمور، حيث تكون متاحة في كل مكان، ويمكنهم ورغم سنهم الصغير أن يقوموا بشرائها، بالإضافة إلى سهولة حملها وتخزينها دون أن يلاحظ أحد من أهله ذلك الأمر.
ويؤكد مرة ثانية أن فترة تعاطيه للخمور لم تدم طويلًا، حيث دفعته شراهته لتعاطي أنواع أخرى من المخدرات إلى القيام بنقلة كبيرة في حياته، كان من ضمنها تغيير معظم أصدقائه بهدف البحث عن أصدقاء جدد يتعاطون مواد مخدرة أعلى من الخمور، فمن خلال هؤلاء يمكن أن يدخل لذلك العالم المجهول والغامض والمثير في نفس الوقت من وجهة نظره.
كما يؤكد أن عدم أنسجامه مع الخمور وتقبله لها كان أيضًا من ضمن الأسباب القوية التي دفعته للبحث عن أنواع أخرى من المخدرات.
ومن خلال الأصدقاء الجدد أنفتح وهو في سن الـ 16 على أنواع عديدة من المخدرات، كان أبرزها الحشيش والبانجو، مشيرًا إلى أنه خلال هذه الفترة بدأ من تلقاء نفسه في الابتعاد عن كل أصدقائه الذين يرفضون تعاطي المخدرات معه، أو يرفضون حتى تعاطيه هو نفسه لها، حيث زاد تركيزه على غيرهم ممن يدمنون على المخدرات ويعرفون كيف ومن أين يحصلون على المخدر.
وبحسب روايته فقد قام ببذل الكثير من المجهود للتعرف على كل الأماكن التي تباع فيها المخدرات وتردد عليها، وأقام مع مروجي المخدرات ومن يتعاطونها في تلك الأماكن علاقات تشبه الصداقة، وأصبح معروفًا في هذا الوسط السيئ.
وبمرور عامين على تعاطيه وإدمانه للحشيش والبانجو أنتقل معتز إلى تعاطي الأدوية والعقاقير المؤثرة على الحالة النفسية، حيث أصبح أكثر خبرة ومهارة في شراء المخدرات، ومن هنا لم يكن من الصعب عليه الحصول على هذه الأنواع من الصيدليات أو من مصادر أخرى.
ومن أدوية السعال والأنفلونزا سافر إلى الترامادول، حيث أهمل دراسته بالثانوية العامة، ومع زيادة مشكلات الإدمان تركها إلى غير عودة، وبدأ مرحلة جديدة من الدراسة بالتحاقه بإحدى مدارس التعليم التجاري المتوسط، انتهت بحصوله على درجة الدبلوم.
وفي سن الـ 22 أتجه إلى تعاطي الهيروين وأدمن عليه، وأصبح لا يستطيع الاستغناء عنه، من أجل معالجه جسده وتنشيط تفكيره للقيام بأبسط الأمور في الحياة، ومن هنا أدرك أنه كان يسير في طريق الفشل فمن طالب يتعلم اللغات إلى مدمن حاصل على مؤهل متوسط، بلا قيمة ولا مستقبل ولا حتى هدف حميد.