الفوبيا الجنسية، هي حالة تصيب الرجال والنساء، وتؤثر سلبًا على العلاقة الجنسية، وربما يصل الأمر إلى رفض أي نوع من الإتصال الجنسي، وتختلف أعراض الفوبيا من شخص لآخر، وتبدأ بتقلصات العضلات المهبلية والأوجاع خلال العلاقة عند النساء، وعدم الإنتصاب عند الرجال، بالإضافة إلى الأعراض المشتركة مثل ضيق النفس، والتعرق الشديد، وإرتفاع معدل ضربات القلب، والشعور بالإعياء.
عناصر المقال
أسباب الفوبيا الجنسية
تؤكد الدراسات العلمية أن أسباب الفوبيا الجنسية قد تتعلق بتجربة صعبة خلال مرحلة الطفولة، أو أسلوب التربية الصارمة، أو توصيل الأهل لرسائل سلبية عن الجنس لأبنائهم. وعلى الرغم من أن أعراض الفوبيا الجنسية، تقلق الكثير من الرجال والنساء، إلا أن الغالبية منهم يرفضون اللجوء إلى الأطباء أو الأخصائيين النفسيين، حرجًا من التحدث في مثل هذه النوعية من الأمور، أو خوفًا من معرفة الآخرين بالأمر.
هلع ورُهاب غير مبرر
وبإستخدام اللغة الدارجة، فإن الفوبيا الجنسية، تعني الرعب الهلعي أو الرُهاب غير المبرر من ممارسة العلاقة الجنسية، وبالتالي فإن الشخص الذي يعاني من هذه الحالة، يعمل جهازه العصبي خلالها، بشكل تأهبي إستعدادي محفز، ويأخذ عقله في أرسال الرسائل المنبهه للدفاع عن النفس، والجسد، وبغض النظر عن الأسباب المؤدية إلى ذلك، فإنها حالة هلعية يفقد معها الإنسان الشعور بالمتعة، ويدخل تحت ضغط الخوف.
نفس أعراض الخوف
تنطبق نفس أعراض حالات الخوف الأخرى على حالات الفوبيا الجنسية، مثل التوتر الشديد، الرعشة، وتصل في بعض الأحيان إلي فقدان الوعي، كما يوضع الإنسان الُصاب بها تحت ضغط جهازه العصبي السمبثاوي (اللاإرادي)، ويتوقف عمل جهازه العصبي الباراسمبثاوي (الإرادي)، والمسئول عن الإثارة وتصاعد المتعة، المؤدية إلى اللذة.
متعددة الأنواع
تتعدد أنواع الفوبيا الجنسية، فقد تكون فوبيا سببية، أي أن لها اسباب أدت إلى وجودها، مثل التعرض لتجربة شخصية (التحرش ـــ الاعتداء الجنسي في الصغر ــ مشاهدة الأب والأم خلال ممارستهما للعلاقة الجنسية)، حيث يتعلق بذهن الأبن، أو الأبنة، أن أحدهما يقوم بإيذاء الآخر، فيقترن عنده الاتصال الجنسي بالتسبب بالأذى. وقد تكون الفوبيا الجنسية، غير محددة الأسباب، شأنها شأن الكثير من المخاوف، التي قد تراود الإنسان، دون أن يكون لها أسباب واضحة ومنطقية.
وكذلك من ضمن مسببات الفوبيا الجنسية، هو الجهل بتكوين الأعضاء التناسلية، وغياب التربية الجنسية السليمة، والتخويف الدائم من الجنس، ويطلق على تلك المسببات مصطلح (الأفتراضية)، حيث لا ترتكز على وقائع حدثت بشكل فعلي، ولكنها تحدث نتيجة تكوين الشخص لصورة ذهنية عن الجنس، خصوصًا إذا كانت المعلومات التي يتلقاها عنه سلبية، وبالتالي يحدث رفض له على مستوى العقل الباطن.
وتجدر الإشارة إلى أن الفوبيا الجنسية (الأفتراضية)، تصيب أنواع معينة من الشخصيات، والتي تتميز أنماطها بالإنطوائية، والإنعزالية، وتكون أكثر تعرضًا للإصابة بها، بالمقارنة مع غيرها من أنماط الشخصيات الأخري، حيث تعاني تلك الشخصيات من وجود خوف داخلي متأصل فيها.
ومن الممكن أن تكون للفوبيا الجنسية، أسباب إجتماعية، خصوصًا في المجتمعات الملتزمة دينيًا، والتي تحكمها أعراف وتقاليد وضوابط تحظر على الفتيات الإختلاط بالجنس الآخر، بالإضافة إلى عدم توافر المعلومات الجنسية، ولو حتى بشكل تعريفي، وبطريقة تمكن من الحصول عليها.
حالة واقعية
وتقول إحدى الطبيبات عن حالة مريضة كانت تتابع حضور جلسات العلاج النفسي معها، أنها نشأت وتربت في بيئة محافظة جدًا، كان محظورًا فيها الإختلاط بين الجنسين، أو الحديث عن الجنس بالشكل الذي جعلها تخاف من العلاقة الجنسية، نتيجة العوامل التي إكتسبتها من بيئتها.
وتضيف أن تلك السيدة تزوجت، وأنجبت، وهي لا تزال تخاف بشدة من عملية الإتصال الجنسي، وذلك على الرغم من أن زواجها مر عليه أكثر من 15عامًا، وخلال هذه المدة لم تتحدث مع زوجها، أو تحدث هو معها، عن العلاقة الحميمة، أو أبدى كليهما رغباته واحتياجاته للآخر، أو شكوته منها، بالشكل الذي تحولت معه العلاقة إلى بعض الحركات النمطية، الخالية من أي مشاعر، مما أدخلها الأمر في أزمات نفسية، اضطرت معها للجوء إليها.
أنماط ممارسة سابقة
تشير الدراسات إلي أن ممارسة العادة السرية، أو التعود على نمط جنسي معين، ثم تغييره وممارسة الإتصال الجنسي بشكله الطبيعي، والسوي، لا يسببوا الفوبيا الجنسية، وإن كان يصاحبه في البداية قلق، فهذا القلق طبيعي نتيجة التخوف من الطريقة الجديدة للتلذذ الجنسي، ولكن ما سبق، لن يتحقق، إذا كان الشخص، صاحب الحالة، لديه شك في قدراته الجنسية، خصوصًا، إذا كان هذا الشك يقيني، وله أساس يستند عليه.
وتحتاج هذه الحالات إلى الأستشارة الطبية، لتحديد أوجه القصور في قدراتهم الجنسية، وهل تعود لأسباب عضوية؟، أم لاضطرابات نفسية؟، وبالتالي يتم وصف العلاج المناسب لتصحيح المسار، وإعادة القدرات الجنسية إلى طبيعتها.
سرعة القذف والبرود الجنسي
بالنسبة لحالات سرعة القذف وضعف الإنتصاب، فمن الممكن أن تسبب للرجال، نوعًا من الفوبيا الجنسية، إذا كانت ترتبط ببعض المسببات غير الطبيعية، مثل القصور العضوى، الأمراض البدنية، بينما علي الجانب الآخر، قد يجدها البعض ممن يمتلكون القدرات الجنسية ذات المستويات المرتفعة، والتي يطلق عليها (الفحولة الجنسية)، فرصة لإظهار ما يتمتعون به من قدرات.
وفيما يتعلق بمعاناة بعض النساء من حالات البرود الجنسي، فهو لا يتعارض مع الفوبيا الجنسية، وإن كان البرود الجنسي، يختلف عن الفوبيا الجنسية، في أنه فقدان للرغبة ببمارسة الإتصال الجنسي، لأسباب تتعلق بغياب الرغبة والإستثارة، ولكن الفوبيا، لأسباب تتعلق بالخوف من عملية الإتصال ذاتها.
لا تخرج عن الإطار النفسي
لا تخرج أسباب الفوبيا الجنسية، عن إطار البعد النفسي، مثل المرور بتجارب سلبية سابقة، أو الأمراض النفسية، مثل الأكتئاب، والفصام، وغيرها من الأمراض الذهانية، وبمعنى آخر، فهي ليست لها أسباب هرمونية، أو جينية.
وفي كثير من الأحيان تصيب الفوبيا الجنسية، الأشخاص الذين يعانون من الخجل، أو الرُهاب الإجتماعي، حيث دائمًا ما تتعلق اضطرابات الرُهاب الإجتماعي، بالخوف وتجنب التعامل مع الأشخاص الآخرين، أو الانخراط في المجتمع، وبما أن العلاقة الجنسية تكون أكثر أقترابًا، وأكثر حميمية، فإنها تكون أكثر رفضًا لديهم.
الرجال 3 أضعاف النساء
بمقاييس النسب، فإن نسبة الرجال الذين يعانون من مشكلة الفوبيا الجنسية، تكون أكثر من النساء، بعكس ما هو شائع من معلومات، حيث يوجد 3 رجال يعانون من تلك المشكلة، في مقابل سيدة واحدة، تعاني هي الأخرى من تلك الحالة.
وترجع الدراسات زيادة نسبة الإصابة بالفوبيا الجنسية عند الرجال، لأن الرجل هو الطرف الإيجابي، في العلاقة الجنسية، وبالتالي يكون أكثر تعرضًا لضغوط النجاح والفشل في العلاقة، أما النساء فيكن في النهاية، مستقبلات لما يحدث، وبالتالي فهن إما يقبلن العلاقة، أو يرفضنها.
نظرة الطرف الآخر
كما أن هناك جزء كبير من نجاح العلاقة، يتعلق بحكم الطرف الآخر عليها، فالرجل مثلًا ينتظر إنطباع زوجته عن مستوى آدائه خلال العلاقات، ودرجة رضاها عنها، والتي يتوقف عليها مستقبل إقباله على العلاقة لاحقًا، أو نفوره منها.
ويذكر أحد المرضى، لطبيبه المعالج أن تعليقات زوجته على مستوى العلاقة الجنسية، وعدم اعترافها بالإشباع، دفعه إلى ممارسة العادة السرية، حيث كان يجد في ذلك وسيلة للتلذذ، لا يعقبها توبيخ، أو نفور.
وفي المقابل دفع ذلك الزوجة وتحت ضغوط إشباع رغباتها إلى إقتناء (عضو ذكري أصطناعي)، مبررة ذلك، بخوفها من الانسياق إلى طريق الشيطان، مما سبب له أزمة نفسية، دفعته للجوء للطبيب.
كما لجأ شخص آخر كان يعاني من سرعة القذف إلي ممارسة الرزيلة مع نساء آخريات، لأنهن من وجهة نظره، لم يكن يبدين رأيهن حول قدراته الجنسية، خلال ممارسته للإتصال الجنسي معهن.
وهي بالطبع كلها طرق محرمة وغير مشروعة، وكذلك غير مبررة، دفعت الضغوط النفسية، بعض أصحاب الشخصيات الضعيفة، على القيام بها دون البحث عن حلول لمشاكلهم الأساسية، أو محاولة استشارة الأطباء منذ البداية، والذين أضطروا للجوء إليهم في النهاية، بعدما يأسوا من حيل الهروب.
فوبيا ليلة الزفاف
ويوجد ما يسمى بفوبيا (ليلة الزفاف)، وهي غالبًا ما تكون موجودة، بسبب غياب الثقافة الجنسية الصحيحة، بالإضافة إلي حالة التكتم الشديد التي تصاحب كل من يمر بتلك المواقف، دون أن يكون هناك تبادل إيجابي للمعلومات، التي من شأنها إزالة مخاوف الشباب والفتيات المقبلين حديثًا على الزواج.
وتنتاب بعض الفتيات حالة من القلق من فض غشاء البكارة لديهن، بالشكل الذي تتضاعف معه حالة الفوبيا الجنسية، ويكون أساسها الخوف من اللقاء الأول، بالإضافة إلى أنه يمثل اختبارا أصيلًا لعفافها، وكبريائها، وما يعنيه ذلك من شموخ خلال حياتها الزوجية المستقبلية، مما يجعل هذا الأمر يحيطه الكثير من التوتر، من الممكن أن يتسبب في رفض مبدأ العلاقة نفسها، لأن العقل الباطن قد يرفض الخضوع لهذه الشروط.
الفوبيا والتشنج المهبلي
وتوجد حالات كثيرة لسيدات يعانين من الفوبيا الجنسية، يصابن بالتشنج المهبلي، ويرجع ذلك لأسباب نفسية، من ضمنها رفض العقل الباطن للجسم الذي يخترق الجهاز التناسلي (العضو الذكري)، حتى إن كن عقلهن الواعي يرغب في ممارسة الإتصال الجنسي، ويقبلن عليه، وهو تشنج لا إرادي لعضلات المهبل.
العلاج.. المواجهة أفضل الطرق
من ضمن أفضل الحلول لمشكلة الفوبيا او الرُهاب الجنسي، هي المواجهة، والذي يبدأ من شعور الشخص نفسه الذي يعاني من تلك المشكلة بوجودها، أو ملاحظة الشريك (الزوج)، لأعراضها عليه، حيث يغيب الإنسجام والسلاسة على ممارسة العلاقة، بالإضاة إلى تهربه الدائم منها، وذلك عن طريق أستشارة الأطباء والأخصائيين النفسيين، خصوصًا وأن الطب النفسي قد قطع شوطًا لا بأس به، في حل تلك المشكلات.
وغالبًا ما يكون العلاج معرفيًا، عن طريق إعادة ملء خزان ذاكرة المرضى بمعلومات جديدة، وصحيحة، عن العلاقة الجنسية السوية، بين الرجل والمرأة، ومدى الفائدة النفسية والصحية منها، خصوصًا إذا كانت ضمن الإطار الشرعي لها (الزواج).
كما يتم تقديم بعض النصائح بعد السماع من المرضي، حيث من الممكن أن يكون من ضمن الأسباب هو جهل الرجل بأوضاع الممارسة الجنسية الصحيحة، بجانب تعامله مع الأمر، على أنه يتخلص خلاله من شهوته التي تسبب له الضيق، والنظر إلى العلاقة بمنظور آخر، يحتوي على مفاهيم التكافوء الجسدي، وضرورة إشباع رغبات الطرفين، وعدم الإسراف في الممارسة، بالشكل الذي يضر الطرف الآخر.
ويجب على السيدات بدورهن الأقتناع تمامًا بأن ممارسة العلاقة الحميمة مع الزوج، هو إحدى طرق التواصل، المؤدي إلى الاحتواء، وهي في النهاية تعبير عن قدرتهما على التواصل وفهمهما الجيد لبعضهما البعض، كما أن مسألة شكل الجسد قد تكون مهمة، ولكنها لا تحمل قيمة أكبر عند الأنخراط في علاقة تكون الحميمية فيها، زائدة على التركيز في العيوب الشكلية للجسد.
علاج المشاكل العضوية
يمكن اللجوء إلي أطباء أمراض الذكورة عند الرجال إذا كانت المشكلة عضوية، أو أطباء أمراض النساء والولادة إذا كانت المشكلة عضوية عند السيدات، وبالتالي يتم قطع الكثير من طرق العذاب التي سوف يعانون منها.