أدت الزيادة المطردة في أعداد مدمني ومتعاطي المخدرات خلال الفترة الأخيرة إلى حدوث عجز كبير لدى مؤسسات العلاج والتأهيل من التعاطي الحكومية في عدد من الدول العربية، وأصبحت تلك المؤسسات غير قادرة على استيعاب مرضى جدد ممن يطلبون العلاج من المخدرات والخلاص منها.
ومع وصول أعداد مرضى الإدمان العرب للملايين أصبح دور مراكز التأهيل والعلاج من الإدمان الخاصة والأهلية محوريًا لمساعدة نظيراتها الحكومية في انتشال الراغبين في الإفلات من الضياع، ممن فشلوا بالالتحاق بتلك الأخيرة.
ويعتبر العامل الجسدي من أحد الأسباب القوية الدافعة للإدمان، حيث يكون هناك بعض الأشخاص لديهم استعداد وراثي للإدمان، فمخ الإنسان توجد به منطقة مسئولة عن السعادة والنشوة، تسمى (مركز المكافأة)، وتلك المنطقة يمكن أن تصاب ببعض الأمراض النفسية التي تؤدي إلى الشعور الدائم بالحزن.
ويفرز (مركز المكافأة بالمخ) مادة الدوبامين المسئولة عن إزالة الأحزان ومنح الإنسان حالة نشاط الناتج عن النشوة والسعادة، وبالتالي يعمل ذلك المركز على منح الإنسان الاستعداد للإدمان، أو النفور منه.
ويعني ذلك أن البعض قد تفرز لديهم مادة الدوبامين بشكل طبيعي عند تعاطيهم للمخدرات فتصبح لديهم الميول الإدمانية أقل، وبالتالي لا يشعروا بالسعادة إذا قاموا بتعاطي المخدرات، بينما عند البعض الآخر قد يتم فرز تلك المادة بكميات أكبر مع تعاطي المخدرات، وهؤلاء يكونون أكثر عرضه للإدمان على المخدرات، حيث تسبب لهم النشوة والسعادة، فيداومون على تعاطيها للوصول إلى ذلك الإحساس الذي يفتقدوه وهم في حالاتهم الطبيعية، ولا يعتبر ذلك مطلقًا مبررًا للإدمان على المخدرات، فأضرارها تتعدى تلك المنافع بعشرات المرات.
وتوجد عوامل أخرى تساعد على الإدمان، من بينها العامل الاجتماعي، حيث تؤثر الكثير من ظروف النشأة والتربية على التحفيز نحو تعاطي المخدرات.
فمثلًا تساعد البيئات والأسر التي ينتشر بين أفرادها تعاطي وإدمان المواد المخدرة على دخول أعداد أخرى من المنتسبين إليها إلى عالم المخدرات، حيث تؤكد الدراسات الاجتماعية أن الأب المدمن أو الأخ المدمن هم علامة على احتمالية ظهور مدمنين آخرين في الأسرة أو العائلة.
ويعتبر الأصدقاء أو الأقران أيضًا من ضمن العوامل الاجتماعية التي تساعد على تعاطي المخدرات والإدمان عليها.
وتشير الدراسات العلمية أن من كل 10 أشخاص حول العالم هناك 4 قاموا بتجربة تعاطي المخدرات، ومنهم شخص واحد، أستمر في الإدمان عليها، ولم يعد باستطاعته الإقلاع عنها.
والمثير في أمر العوامل الاجتماعية التي تساعد على تعاطي المخدرات، هي الموروثات الشعبية التي ترتبط بتمييز نوع معين من المخدرات، حيث وجدت الدراسات المتعلقة بأنواع المخدرات أن هناك عدد من المناطق التي تنتشر بها بعض المخدرات نتيجة المعتقدات الخاطئة الشائعة عنها.
ومن الأمثلة الشهيرة على ما سبق موضوع انتشار مخدر الحشيش في أغلب بلدان الشرق الأوسط، حيث يعتبر ذلك المخدر من الأصناف القديمة والتي تنتمي إلى أنواع المخدرات نصف المصنعة.
وترجع بدايات ظهور الحشيش في منطقة الشرق الاوسط إلى بلاد الرافدين وبعض مقاطعات الإمبراطورية الفارسية، حيث كان الأمراء والنبلاء خلال إحدى الحقب الزمنية يقومون بزراعة نبات القنب الهندي وتحويله إلى مخدر الحشيش، وتوزيعه على بعضهم البعض كنوع من الهدايا التي تجلب السعادة والنشوة والبهجة لمن يتعاطونها سواء عن طريق تبخيره واستنشاقه، أو طهوه مع بعض الأطعمة، أو غليه وشربه في المياه.
ومن حينها وتحت الآن ونظرًا للطبيعة العقائدية للشعوب الشرقية وقدرتها على الاحتفاظ بموروثاتها لقرون طويلة، بل وتقديس تلك الموروثات في بعض لأحيان، لا يزال الكثيرون يقدمون على تعاطي الحشيش والإدمان عليه، ولا تزال الخرافات عن القدرات والامتيازات التي يحصلون عليها نتيجة ذلك تُنسج وتُختلق، دون النظر بعين الاعتبار لمخاطره الشديدة والتي تؤكدها الأبحاث والدراسات العلمية التي فحصت بدقة تلك الظاهرة الخطيرة.