يُصنّف مرض الوسواس القهري ضمن مجموعة الأمراض العُصابية حيث تتساوي نسبة الإصابة بالمرض بين الذكور والإناث على حدٍ سواء. وعادة ما يتأخر تشخيص أعراض المرض مما يزيد الأمور سوءً علي المرضي، وتبدأ الإصابة به في سن مبكرة، وللأسف تؤكد الدراسات العلمية، أنه لا يشفي منه سوي 10% فقط، من المُصابين.
عناصر المقال
مرض شديد الأثر
يعتبر مرض الوسواس القهري من الأمراض النفسية شديدة الأثر على المريض به من كل النواحي، حيث يعاني معه من المرض أفراد أسرته، بالإضافة إلي الطبيب المُعالج، والذي يسبب المرض عدة إشكاليات له، نظرًا لصعوبة التعامل مع المريض، بجانب انبعاث المرض نفسه من أعماق عقله، وخاصةً في الحالات المتأخرة، مما يجعل الأمور على جانب كبير من التعقيد.
الإيمان بفكرة معينة
الوسواس القهري، هو الإيمان بفكرة معينة، تُلازم المريض، وتؤرق حياته، وتتكرر تلقائيًا، وتقحم نفسها عليه إقحامًا لا إراديًا، لذلك سُمي بالقهري لأنه يقهر صاحبه، ويصبح معه أسير لهذه الفكرة، ولا يعرف الكيفية التي يتصرف بها حيالها.
أسباب المرض
توجد أسباب متعددة للإصابة بالوسواس القهري، منها العوامل الوراثية، حيث تبين أن نحو 10% من الحالات المصابة بالمرض ترجع إصابتها لعوامل وراثية، فإما يكون أحد الوالدين، أو كلاهما، أو أحد الأقرباء قد عاني من مشكلة الوسواس القهري في فترة من فترات حياته، بالإضافة إلي العامل البيئي، وهو ما يطلق عليه أيضًا (معالم شخصية الإنسان)، حيث أن أغلب المشاكل والاضطرابات النفسية لها جذور مرتبطة بطبيعة شخصية المريض، ولكن هذا لا يعني حتمية الوقوع في المرض، فالكل له معالم تحدد شخصيته، والتي قد تكون كامنة، أو غير معبرة.
وبالتالي فإذا كان لدي الشخص استعداد داخلي للإصابة بالمرض، فإن بعض الظروف التي قد يمر بها خلال حياته تجعل المرض يظهر للعلن بصورة تدريجية تصاعدية إلى أن تصبح حالة مستقرة وهي التي تقود الإنسان، وتسيطر عليه.
ولا يُعلم حتى الآن هل انخفاض مستوي سائل (السيروتين) في الدم هو ما يؤدي إلي الإصابة بالمرض أم أن وجود المرض هو الذي يؤدي إلي انخفاض مستوي السائل بالجسم، إلا أن الترابط بين انخفاض مستوي السيروتين والمرض موجود.
مراحل ظهور أعراض المرض
يبدأ ظهور أعراض مرض الوسواس القهري على عدة مراحل، وهو غالبًا من سن الـ4، أو الـ5، ولكنه يكون خفيًا، ومُبهمًا وغير معروف عند المُصاب به، حيث يشعر بتردد الأفكار الوسواسية علي عقله، وتكرارها، ولكنها تكون بطيئة، ومتباعدة مما لا يعكر عليه صفو حياته، ولكن بعد فترة تظهر بقوة، وتشتد تباعًا، وإذا بها عند سن المراهقة تدخل مرحلة التخمر، لتبلغ أوجها عند سن النضوج، وتؤثر علي حياة الإنسان المُصاب.
الوسواس نوعين أساسيين
ينقسم مرض الوسواس القهري إلى نوعين أساسيين، الأول هو الوسواس القهري (الفكري)، والثاني هو الوسواس القهري (الفعلي)، ونتطرق خلال سطور هذا المقال، إلى النوع الثاني (الفعلي).
حالات مرضية
توجد عدد من الأفكار التي تظهر عليها الحالة المرضية للوساوس القهرية (الفعلية)، والتي من ضمنها مسألة النظافة الزائدة، حيث يعاني المريض من وجود أفكار تراوده باستمرار عن عدم كفاية إجراءات النظافة التي يعيش حولها، وبالتالي يكون في حاجة إلي القيام ببعض السلوكيات، حيث تتفرع الحالة إلي بعض الحالات الفرعية. فقد تتخذ السلوكيات (النظافة الجسدية)، حيث يقوم المريض، وتحت ضغط الأفكار القهرية إلي غسل يديه لعشرات المرات مثلًا، ثم يتمادي معه الأمر، حتى يحتل كامل مساحة فكره.
وقد تمتد الأفكار الوسواسية إلي أبعد من النظافة الشخصية، حيث قد يشعر المريض بأن المحيط الذي يعيش فيه ــ منزله مثلًا ــ ليس علي القدر المناسب من النظافة، فيقوم بتنظيفه لمرات عديدة، وهو هنا مقهور ومجبر، فينصاع إلي تلك الأفكار، ويكون المريض في هذه الحالة مستغرق بدرجة كبيرة في المرض، وبالتالي تصبح استجابته له كبيرة.
يُعطل عن الحياة
مريض الوسواس القهري (الفعلي) يحيا في داخله صراع عنيف بين الأفكار المنطقية من جانب، وبين هذه القوي الوسواسية القهرية، التي تفرض نفسها عليه، من جانب آخر. واعتمال هذا الصراع يرهقه، فيضطر إلي الانصياع لها وتنفيذها في محاولة منه للتخلص من هذا الصراع ليفاجئ بعد ذلك بأن الفكرة عادت إليه مجددًا، فيعود للعيش مع هذا الصراع العنيف، إلي أن يصل إلي مراحل متقدمة جدًا، يُعطل معها عن الحياة.
أمثلة أخري
توجد أمثلة أخري للوسواس القهري (الفعلي)، والتي قد تتعلق بالوضوء، حيث يؤكد أحد الأطباء، أنه يعالج مريض يستمر في الوضوء من بعد آذان العصر إلي ما بعد آذان المغرب حيث تتكرر الأفكار لديه بالدرجة التي يصل معها إلي هذه الحالة.
وأيضًا هناك حالات يتعلق الوسواس (الفعلي) فيها بعنصر الأمان، حيث يظل الشخص يتأكد من إغلاقه أبواب منزله، أو أبواب سيارته، لعدد من المرات، بل ويعاود تكرار الأمر.
وقد يتعلق الوسواس القهري (الفعلي)، بالترتيب الدقيق للأشياء حتى الهوس، حيث يعاني المريض من فكرة ترتيب الأشياء، مثل الملابس، الكتب، أثاث منزلة… إلخ.
كما يذكر أحد الأطباء النفسيين بعض الحالات الغريبة التي مرت عليه، فيقول (كانت تتردد عليّ أحدي الحالات التي كانت تعاني من الوسواس الفعلي، وكانت الأفكار تطلب منه أن لا يسلك أحد الطرق المؤدية إلي عمله إطلاقًا).
ويضيف (كانت الحالة تعاني صراعًا داخليًا عنيفًا، نتيجة تلك الأفكار، وهي في النهاية، كانت تختار الانصياع للأفكار الوسواسية، وترفض السير من هذا الطريق، فإذا بالأمر يتطور معه، وتضيف إليه الأفكار طرقًا أخري، ثم لم تلبث أن تشعبت هذه الأفكار، وأصبحت كل الطرق محرمة عليه).
ويتابع (الحلول التي كان يلجأ إليها صاحب هذه الحالة، مضحكة مبكية، فقد كان يضطر إلي السير لمسافات كبيرة جدًا، من أجل أن يتفادى كل الطرق التي تحرمه الأفكار من السير فيها، ونتيجة لذلك، كان يتأخر علي عمله، ومواعيده الأخرى، وأصبح انطوائيًا، تحت ضغط هذه الأفكار، فقد كان يخشي من اطلاع الناس علي أمره).
ويحكي طبيب آخر أن أحد السيدات التي تُعالج عنده كانت تعاني من أفكار وسواسية تتعلق بوجود نجس في الشارع، فكانت تجبر أبنها في كل مرة ينزل فيها إلي الشارع علي خلع حذائه خارج المنزل، ثم تطور الأمر معها، فأصبحت تجبره علي تغيير ملابسه، فور عودته، وفي الحالات التي كان يجلس فيها علي أثاث المنزل، قبل أن يُغير ملابسه، كانت تقوم بتنظيف هذا الأثاث، وغسيله.
علاج الوسواس القهري
هناك مجموعة من الأدوية، والتي يتم وصفها لمرضي الوسواس القهري (الفعلي)، ومن ضمن هذه الأدوية: مضادات الاكتئاب، مهدئات التوتر، وعندما تكون الحالات صعبة ومتقدمة، فمن الممكن أن يضيف الأطباء إلى الأدوية السابقة، مُضادات الذُهان.
وتجدر الإشارة إلى أن تعامل الأطباء مع نوعي الوسواس القهري (الفكري)، و(الفعلي)، تعاملًا واحدًا، حيث تشير الدراسات العلمية، إلى انه سببه الرئيسي هو وجود هبوط في مستوي المواد الناقلة بالجهاز العصبي.
كما يوجد العلاج السلوكي، ويعتمد على إقناع المريض، بأن ما يعاني منه هو أنه ليس له دخل فيما يجري له، بالإضافة إلي تدريبه علي عمل تمارين الاسترخاء، للتقليل من ضغط الأفكار الوسواسية عليه، ومع الوقت وتكرار المحاولات قد يتمكن من طردها، ويستطيع السيطرة علي نفسه.
وهنا وفي العيادات الخارجية لدار الشفاء، نقدم أرقى البرامج العلاجية في علاج الوسواس القهري لنجعل حياتكم أكثر سعادة وأمان.
[sc_fs_multi_faq headline-0=”h3″ question-0=”مراحل ظهور أعراض المرض” answer-0=”يبدأ ظهور أعراض مرض الوسواس القهري على عدة مراحل، وهو غالبًا من سن الـ4، أو الـ5، ولكنه يكون خفيًا، ومُبهمًا وغير معروف عند المُصاب به، حيث يشعر بتردد الأفكار الوسواسية علي عقله، وتكرارها، ولكنها تكون بطيئة، ومتباعدة مما لا يعكر عليه صفو حياته، ولكن بعد فترة تظهر بقوة، وتشتد تباعًا، وإذا بها عند سن المراهقة تدخل مرحلة التخمر، لتبلغ أوجها عند سن النضوج، وتؤثر علي حياة الإنسان المُصاب. ” image-0=”” headline-1=”h3″ question-1=”علاج الوسواس القهري” answer-1=”هناك مجموعة من الأدوية، والتي يتم وصفها لمرضي الوسواس القهري (الفعلي)، ومن ضمن هذه الأدوية: مضادات الاكتئاب، مهدئات التوتر، وعندما تكون الحالات صعبة ومتقدمة، فمن الممكن أن يضيف الأطباء إلى الأدوية السابقة، مُضادات الذُهان. ” image-1=”” headline-2=”h3″ question-2=”الوسواس نوعين أساسيين” answer-2=”ينقسم مرض الوسواس القهري إلى نوعين أساسيين، الأول هو الوسواس القهري (الفكري)، والثاني هو الوسواس القهري (الفعلي)، ونتطرق خلال سطور هذا المقال، إلى النوع الثاني (الفعلي). ” image-2=”” count=”3″ html=”true” css_class=””]