محمد عبد الله، مدمن متعافي، دفعه فضوله السابق ورغبته في التجربة إلى تعاطي المخدرات، حيث كان يرى نفسه شخصًا ذكيًا يرغب في صداقة من هم أكبر منه سنًا، بجانب أنه كان يتمتع بالقبول من جيرانه والمحيطين به.
لم تكن لدى محمد أية مشكلات أسرية تدفعه للإدمان والتعاطي، فوالده ووالدته يديران الأسرة الكبيرة المكونة منه بالإضافة إلى أشقاءه ويشبعانهم بالحنان والرعاية.
بدأت قصة محمد عبد الله مع إدمان المخدرات بتدخين السجائر خلال مرحلة دراسته الإعدادية، وعلى الرغم من شغفه الكبير وحبه للتجربة، إلا أنه كان يدرك جيدًا أن ما يقوم به منافي للأخلاق ومضر بصحته، لذلك كان يتجنب قدر الإمكان أن يشاهده أحد خلال تدخينه، ثم تعود بعد ذلك على الهروب من المدرسة ومجالسة ذوي الخلق المنحرف ومصاحبتهم، ولكنه كان لا يزال يخاف من المخدرات وممن يتعاطونها ويخشاهم.
وبمرور الوقت زالت رهبته تجاه المخدرات وقام بتجربتها، وفي أول مرة كادت سيجارة حشيش أن تودى بحياته، بسبب هبوط حدث بدورته الدموية، وهنا قرر أن لا يتعاطى المخدرات مرة أخرى، ولكن في اليوم التالي لتلك الواقعة قام بتدخين الحشيش مرة أخرى.
وبدخول محمد في دائرة التعاطي والإدمان أصبح تدخين الحشيش بالنسبة له روتينًا يوميًا، وما لبث أن بدأ يبحث عن أنواع أخرى، حيث كان الترامادول منتشرًا بكثرة خلال تلك الفترة ويتم تداوله علنًا بالشوارع، لذلك كان هدفًا سهلًا له.
أعجب “عبد الله” بالترامادول وتأثيره، وأدمن عليه لفترة كبيرة، وكان البوابة التي دخل من خلالها إلى جحر الهيروين وهو في سن الـ 18، ومن حينها لم يقلع عنه إلا مرتين، الأولى بسبب دخوله إحدى المصحات وخضوعه لجلسات سحب المخدر طبيًا من الجسم (ديتوكس)، والثانية بعدما ألقت الشرطة القبض عليه بتهمه إحراز وتعاطي مخدرات ممنوعة، وتم إيداعه بالسجن.
وبعد خروجه من السجن تعرض محمد عبد الله لموقف أصابه بالخوف الشديد وهزه من صميم أعماقه، حيث توفي أحد المقربين منه، وحينها قرر الإقلاع عن التعاطي، على الرغم من المشكلات التي واجهها في البداية.
دخل “المتعافي” إلى أحد مراكز علاج وتأهيل المدمنين حيث أعجب بالمعاملة التي تلقاها من القائمين عليه واحتضانهم له، وتقبلهم لشخصيته وهو على تلك الحالة السيئة، وطالما يتذكر أحدهم وهو يوقظه بعد منتصف الليل ليجرى له جلسات العلاج الدوائي وتطهير جسمه من المخدرات.
دفع الإدمان محمد للتخلي عن كل مبادئه لأجل الحصول على جرعة من الهيروين، ولذلك فمن الأشياء التي لمسها ببرامج التأهيل هي التدريبات الخاصة بالعودة إلى تلك المبادئ الحميدة مثل الصبر والحكمة والتروي وتقدير الذات، والبعد عن الطمع والحقد، والتسامح مع الآخرين.
تأكد محمد عبد الله خلال إقامته بمركز التأهيل من الإدمان أن حل بعض المشكلات قد يحتاج للوقت، ومن ضمن تلك المشكلات مشكلته مع الإدمان، حيث استغرق علاجه نحو 7 شهور، بعدما كان يظن في السابق أن بإمكانه التوقف عن التعاطي والإقلاع في أسبوع واحد فقط.
ومن الأشياء المؤثرة في تلك القصة هو الألم النفسي الشديد الذي سببه محمد لوالدته وأشقاءه، حيث كان يخيل له أنه بإدمانه لا يؤذي سوى نفسه، ولكن والدته وبدافع الأمومة ومشاعرها تحملت معه الكثير من المشاق على أمل أن يقلع عن إدمان المخدرات.
وما يعوض محمد عبد الله عن تلك المآسي، هو تحوله حاليًا لمصدر فخر لوالدته وأسرته فبعدما تمكن من الشفاء قرر أن يصبح واحدًا ممن يقدمون المساعدات لمن يمرون بنفس مشاكله السابقة مع إدمان المخدرات. وبالتأكيد فمن يستطيع أن يعبر من الهزيمة إلى النصر على المخدرات وأهواء نفسه لابد أن يكون مصدرًا للفخر.
وأكثر الأشياء التي يرى أنه خسرها خلال رحلته مع الإدمان أنه فقد 12 سنة من عمره، عاشها وهو غائب عن الوعي.