يتساءل الكثير من المدمنين عن كيفية علاج الادمان وعن المدة التي يتطلبها ذلك العلاج، وذلك بسبب انتشار ظاهرة الادمان في المجتمع المصري والمجتمع العربي والعالم كله بشكل كبير جدا .
و بالنسبه لمصر فإن نسبة الادمان تزداد بشكل يومي ويرجع ذلك إلى عده عوامل وأسباب تتحمل مسؤوليتها الأسرة والمدرسة وجميع مؤسسات الدولة، ومن الأسباب التي أدت إلى ارتفاع نسبة مدمني المخدرات في مصر هي وجود حالة كبيرة من اليأس والاحباط والتي أدت إلى إصابة الكثير من الشباب بالاكتئاب، وذلك بسبب الأوضاع الاقتصادية الصعبة التي تعيشها البلاد في هذه السنوات.
إلى جانب ارتفاع معدل البطالة في مصر والوطن العربي، كل هذه الظروف دفعت بهؤلاء الشباب إلى ادمان المواد المخدرة حتى يهربوا من الواقع المرير الذي يعيشون فيه، كما أنه من ضمن الأسباب التي أدت إلى ادمان المخدرات .
عدم وجود رقابة كافية من الأسرة والمجتمع على الشباب؛ حيث أنه بسبب الانفتاح الكبير الذي يحدث بسبب شبكات التواصل الاجتماعي والانترنت وبسبب بعض الرسائل الاعلامية الخاطئة التي تصل إلى الشباب بسبب ما يتم تقديمه من مواد اعلامية خاطئة .
حيث أنها تظهر تاجر المخدرات على أنه شخص ثري يمتلك الكثير من المال، كما أن أكثر أبطال الأفلام قد يكونوا ناموا من المدمنين وممن يتعاطون المواد المخدرة، كل تلك الأسباب وأكثر تدفع الكثير من الشباب إلى تعاطي المواد المخدرة بدون وعي كامل بمدى الخطورة التي ستنتج مستقبلا بسبب تعاطي هذه المواد.
وبمجرد أن تكتشف الأسرة أن أحد أفرادها مدمنا فإن ذلك قد يسبب لها الكثير من المتاعب والآلآم النفسية، ولكن عليها أن تتخذ خطوات إيجابية حتى تساعد المدمن في العلاج مباشرة .
وأول الخطوات التي يجب على الأسرة التي يوجد بها مدمن أن تتبعها هي تقديم النصح الكافي والارشاد له؛ حيث يجب عليها أن تعمل على توعيته وتبصرته بمدى خطورة الادمان على صحته وعلى حياته ومستقبله.
كما أنها يجب أن تقدم له النصح بأسلوب راقي، حيث أن تقديم النصيحة للمدمن باسلوب سيء من أسرته قد يؤدي إلى حدوث نتائج عكسية؛ حيث أنه يصر على تعاطي المواد المخدرة .
وربما يترك المنزل حتى يتعاطى المخدرات كما يريد، ولكن النصح يجب أن يكون برفق، وما إن يصل المدمن إلى حالة الوعي الكامل لمدى خطورة المواد المخدرة، فإنه بذلك يكون قد قطع مسافة طويلة في العلاج .
حيث أن العلاج لا يكون مجديا إذا كان المدمن في قرارة نفسه غير مقتنع به، لأنه بذلك لن يساعد في العلاج وإنما سيكون عبئا على خطوات التعافي من الادمان، ولكن كون المدمن لديه عزيمة حقيقية واردة لكي يتم علاجه من الادمان فإن ذلك يسهل مراحل العلاج بشكل كبير.
ويجب أن يتوجه المدمن إلى أقرب مستشفى أو مصحة خاصة بعلاج الادمان، وترغب بعض الأسر في أن يتم علاج المدمن في المنزل بعيدا عن المستشفيات والمصحات وبدون الذهاب إلى الأطباء .
وذلك يرجع إلى أن بعض هذه الأسر لا تملك التكاليف المالية الكافية لعلاج الادمان؛ حيث أن أدوية علاج الادمان والعلاج النفسي يكلف أموالا كثيرة، إلى جانب أن بعض الأسر المرموقة والمعروفة في المجتمع تخشى على سمعتها من أن يتم نشر خبر أن هناك فرد مدمنا في الأسرة، ولذلك فهي تفضل أن يتم العلاج في المنزل.
ولكن المتخصصين والأطباء يقولون بأن هناك أنواع معينة من الادمان يصعب جدا أن يتم علاجها في المنزل وخصوصا مدة علاج الادمان من المخدراتعلاج ادمان الهيروين؛ حيث أن الهيروين يؤثر بشكل كبير جدا على الأعصاب والمستقبلات الحسية وعلى الجهاز العصبي المركزي وجميع أجهزة الجسم، ولذلك فإن أعراض انسحاب مخدر الهيروين تكون خطيرة جدا ومن الصعب أن يتم العلاج في المنزل.
وأول مرحلة من مراحل العلاج سواء كان هذا العلاج في المنزل أو في مصحة من مصحات علاج الادمان هي مرحلة تسمى مرحلة سحب السموم من الجسم، وتتم هذه المرحلة عن طريق منع المدمن من تعاطي المخدر نهائيا .
ويتم ذلك مرة واحدة مفاجئة أو بالتدريج على حسب رأي الطبيب المعالج، بعد أن يتوقف المدمن عن تعاطي المواد المخدرة فإن هناك أعراض شديدة تظهر عليه، تسمى هذه الأعراض بالأعراض الانسحابية وتسبب هذه الأعراض الكثير من آلآم في الجسم والمفاصل كما أنها تسبب له أعراض نفسية سيئة جدا .
مثل حدوث الاكتئاب ولذلك فإن الأطباء يقومون بتقديم بعض الأدوية للمدمن، هذه الأدوية تعمل على مساعدة المريض على تخطي هذه المرحلة، كما أنها تعمل علي تخفيف رغبته في تعاطي المواد المخدرة .
ثم بعد ذلك يتم تحويل المدمن إلى العلاج النفسي والسلوكي، حيث يتم ذلك على يد طبيب نفسي متخصص في علاج حالات الادمان، وبالسؤال عن مدة علاج الادمان، فإنه لا يمكن أن يتم حسم هذه المدة وتحديدها بشكل واضح .
حيث تختلف مدة علاج الادمان من مدمن إلى آخر، على حسب ما يرى الطبيب المعالج، وتتوقف مدة علاج الادمان على عدة عوامل منها السن و الحالة النفسية والصحية للمدمن.
وبسبب أنه لا يمتلك غالبية الناس التكاليف المالية اللازمة للعلاج؛ فإن الدولة قد قامت ببناء كثير من المصحات والمراكز النفسية ومراكز علاج الادمان المتخصصة في مساعدة المدمنين على التخلص من الادمان بشكل نهائي .
هذه المراكز تعمل مجانا وبدون أي مقابل مادي، وتم تخصيص فرع في مستشفى العباسية بالقاهرة يعمل على تلقي واستقبال المواطنين المدمنين بشكل يومي، ويبدأ العمل في المستشفى منذ الساعة الثانية ظهرا، وتستقبل في اليوم ما يزيد عن 100 مدمن.
ولا تعد تكلفة علاج الادمان في مصر مرتفعة مقارنة بتكاليف علاج الادمان في بعض الدول الأخرى، ولذلك فإنه يقدم بعض المدمنين من دول عربية أخرى إلى مصر لكي يتلقوا العلاج من الادمان.
ويؤدي الادمان إلى انهيار الاقتصاد الخاص بالمجتمع؛ وذلك بسبب عدم قدرة المدمنين على الانتاج بالجودة المطلوبة، كما أنه يؤدي إلى انتشار الجريمة، وخصوصا جرائم التحرش والاغتصاب والسرقة .
إلى جانب أنه يؤدي إلى زيادة نسبة حوادث الطرق، بسبب أن السائقين عندما يتعاطوا المواد المخدرة فإن ذلك يؤثر على مستوى رؤيتهم وتقديرهم للمسافات، وبذلك فإن الادمان يؤدي إلى وجود الكثير من الضحايا سواء في الطرق أو في الشوارع أو المدمنين أنفسهم.
وينبغي على الدولة القيام ببعض الخطوات لكي تقى المواطنين من خطر انتشار المخدرات، ومنها تشديد الإجراءات الأمنية على الحدود مع الدول الأخرى حتى يتم منع نشر المخدرات وتهريبها إلى داخل البلاد، إلى جانب أنه يجب القيام بعدد كبير من حملات التوعية في كل وسائل الاعلام المسموعة والمرئية، حتى يتم تحذير الناس من خطورة الادمان.
تقوم مستشفى دار الشفاء بمساعدة مدمني المخدرات في الإقلاع عنه بشكل نهائي مستعينة في ذلك بمجموعة من الأطباء أصحاب الخبرة في مجال علاج الادمان في مصر .
كما أن المستشفى تستخدم أحدث طرق علاج الادمان وذلك باستخدام أفضل الأدوية التي تساعد على التخلص من أعراض الانسحاب، إلى جانب وجود طاقم تمريض مساعد على أعلى مستوى.
تستمر مدة الرعاية بعد العلاج حوالي عام ونصف وهناك بعض الأشخاص اللذين يحتاجون إلى برنامج رعاية مدى الحياة وذلك لضمان التزامهم بحضور الجلسات وتأتي تلك المرحلة بعد سحب السموم والعلاج النفسي والتأهيل الاجتماعي.
لأن العلاج المنزلي يشكل مجازفة كبيرة وقد يعرض الشخص إلى خطر التعاطي أثناء مرحلة أعراض الانسحاب كما أنه يقلل من استجابة المريض، فإن العلاج المنزلي يستغرق فترة زمنية أطول عن العلاج في المركز والتي تتعدى ال6 شهور.
بالتأكيد كلما تم علاج مدمن المخدرات بسرعة كلما استغرق فترة زمنية أقل عما إذا تم التأخر في علاجه وساءت حالته الصحية بشكل أكبر وبالتالي يستغرق فترة زمنية أطول.