تصنف العلاقة بين الصحة النفسية للإنسان، وقدراته الجنسية السليمة، على أنها علاقة وطيدة، بمعني أن النفس يجب أن تكون مستقرة ومتزنة، لكي تكون القدرات الجنسية طبيعية. كما ان كلا طرفي العلاقة الجنسية السوية (الرجل والمرأة) يدخلان العلاقة، ولدى كليهما المفاهيم والمعتقدات الموروثة، والمحصلة من الآخرين، بالإضافة إلي ترك أسلوب تربيتهما بصمته عليهما.
عناصر المقال
الإتصال الجنسي يتكون من 6 أشخاص
يري بعض علماء النفس أن الرجل والمرأة عندما يدخلان في ممارسة العلاقة الجنسية، فإنهما لا يدخلانها وحدهما، وإنما تشمل العلاقة علي 4 أشخاص آخرين غيرهما، هما والدى كل طرف، بالإضافة إلي طبيعة شخصيتهما، وبالتالي، تكون العلاقة الجنسية مركبة ومعقدة، رغم بساطتها، من وجهة نظر الكثيرين.
ولكي تنجح العلاقة الجنسية، ويشعر معها الرجل والمرأة بالرضا، يجب ان تتوفر لها بعض العوامل، مثل معرفة طرفي العلاقة بالمفاهيم الصحيحة للعلاقة السوية، بالإضافة إلي الشعور بالذات، والثقة بالنفس، والحالة المزاجية المعتدلة، والممارسة الفسيولوجية السليمة.
الاضطرابات النفسية تؤثر على الصحة الجنسية
تؤثر الاضطرابات النفسية التي قد يعاني منها البعض على صحتهم الجنسية، وما يتبع ذلك، من ضعف الرغبة في القيام بالعلاقة الجنسية، وعدم الشعور باللذة والمتعة عند ممارستها، بل وفي بعض الأحيان قد تصل الأمور إلى حد ضعف قدرات الشخص الجنسية، وأحيانًا أخرى إلى العجز الجنسي.
ومن ضمن تلك الاضطرابات النفسية حالات الأكتئاب المرضية، وهي حالة من السودوية، والحزن، وعدم وجود الرغبة في التلذذ، فيشعر المصاب بها على الدوام بحالة من الحزن تلازمها فقدان الرغبة الجنسية، بالإضافة إلى اضطرابات القلق، والتي يلازمها شعور المريض بالخوف، مما يؤدي إلى إصابته بحالة من الضعف الجنسي، نتيجة التغيرات الفسيولوحية، التي يحدثها الاضطراب في جسده.
وعادة ما تكون القدرة على الاحساس بالرغبة الجنسية، بمعنى أن تتوفر لدى الشخص الرغبة على القيام بالعلاقة الجنسية، موجودة إذا كان الإنسان منتبهًا لما يحدث حوله، وأن تكون حواسه تعمل وترصد بشكل طبيعي، وهي ما يطلق عليها وسائل التعرف على المحفزات الأولية، حيث تعمل على تحفيز الأفكار الجنسية بالمخ، ولذلك نجد أن مرضى الاكتئاب والقلق يعانون من مشكلة بالحواس والإدراك، وبالتالى تتراجع رغبتهم الجنسية، وتكون أضعف من المعدلات الطبيعية.
وتحتاج الإثارة الجنسية إلي حالة مزاجية معينة، فمن الصعب أن يشعر بالإثارة الجنسية الشخص الخائف، الغاضب، والحزين، وبالتالي فالإكتئاب يصنع لدى المريض حالة من عدم الإهتمام بالأشياء. وعندما تزيد أعراضه تسيطر عليه حالة من عدم الرغبة في الحصول على أي شيء، بينما يؤدي في مراحله المتأخرة إلي حالة من عدم الرغبة في الإستمرار في الحياة، وهذه الحالات المتعددة غير مناسبة، بل وطاردة، للإثارة من مخ المريض، وبالتالي لا تتطور الحالة إلي الأحساس بالرغبة في ممارسة الجنس، وما ينتج عنها من إفراز بعض الهرمونات، التي تجعل العملية تكتمل فيما بعد.
ومرضى الأكتئاب والقلق يعانون من وجود مشكلات في الإستثارة الجنسية، وهي الخطوة الأولي في العملية الجنسية، كما أن المجهود اللازم للقيام بالعملية الجنسية يعتبر مجهود زائد لدى هؤلاء المرضي، لا يستطيعون القيام به، وفي بعض الحالات يضغط المرضي، ويجتهدون، للقيام بالعملية الجنسية، ولكنها تكون عملية روتينية، لا يشعرون معها بأي متعة، أو تلذذ، وبالتالي يفتقدون الشعور بالرضا المصاحب لها، بالإضافة إلى بعض الآثار البدنية مثل الشعور بالإجهاد، والتعب الجسدي.
علاقة القلق بسرعة القذف
تشير الدراسات العلمية إلي أن مشكلة سرعة القذف خلال ممارسة العملية الجنسية عند الرجال ترجع إلي القلق المصاحب للأكتئاب، حيث يعاني المريض حالة من النشاط الزائد في جهازه العصبي، وهو العامل المساعد للقذف، الذي يتحقق بالقلق.
وسرعة القذف تعني قذف الرجل لحيواناته المنوية في كل مرة يمارس فيها الإتصال الجنسي قبل الإيلاج (الإتصال)، وذلك أثناء المداعبة، أو خلال دقيقة من الإيلاج، ويكون فاقدًا للقدرة على تأخير القذف، مما يتسبب في شعوره، أو شعور زوجته بالضيق، وعدم المتعة بسبب ذلك.
ويختلف تأثير اضطرابات القلق على العملية الجنسية عند النساء، حيث يجعلهن القلق في حالة مزاجية غير مناسبة لتحقق الإثارة، وجعلها تسير في الدائرة الصحيحة التي تؤدي في النهاية إلى الشعور بالرعشة أو النشوة الجنسية، وفي كثير من الحالات لا تستمع معظم النساء بالعملية الجنسية بسبب حالات القلق التي يعانين منها.
الاكتئاب يضعف الأعضاء التناسلية
تؤثر اضطرابات الإكتئاب كذلك على حالة الأعضاء التناسلية، سواء عند الرجال، أو السيدات، وذلك لأن الأكتئاب يؤدي في العموم إلى حالة من الضعف، ومع مرور الوقت، تضعف قدرة المرضى على إفراز الهرمونات، ويقل مستوى مناعاتهم.
علاج العجز والضعف الجنسي
في حالات العجز الجنسي عادة ما يبدأ الأطباء المعالجين بتشخيص الحالات لإستبيان سبب العرض، وهل هو نفسي أم عضوي. فإذا أثبتت الفحوصات أن سبب العجز الجنسي (عضوي)، فيتم وصف أدوية الأكتئاب له بشكل مؤقت، وذلك لعلاج الحالة النفسية التي نتجت عن المشكلة العضوية، لحين معالجة السبب الرئيسي للحالة، والذي من شأنه تحسين الحالة المزاجية للمرضى، وبعدها يتم التوقف عن تناول هذه الأدوية، حيث من الممكن أن تؤثر أعراضها الجانبية، علي القدرات الجنسية للذين يتناولونها.
وفي الحالات التي يتم تشخيصها على أنها عجز جنسي نتيجة سبب (نفسي)، فيتم وصف أدوية الأكتئاب لتحسين الحالة المزاجية للمرضى، حيث من شأن ذلك أن يؤدي إلي تحسين الوظائف الجنسية لهم، حتى وإن كانت الأدوية المضادة لاضطرابات مرض الأكتئاب تؤثر سلبًا على القدرات الجنسية، وذلك لأن التأثير الإيجابي للأدوية يفوق تأثيرها السلبي على المريض بنحو 10 أضعاف.
وحالة العجز الجنسي تعني عدم قدرة الشخص على القيام بالعملية الجنسية من الأساس وتتمثل في إنعدام الإنتصاب لدى الرجال، بينما حالة الضعف الجنسي تعني وجود صعوبات لدى الشخص تحول دون قيامه بالعملية الجنسية على النحو الأمثل، وفي الغالب فإن حالات العجز الجنسي تتراجع مع تقدم علوم طب الذكورة، وأصبحت ترتبط تلك الحالات بمراحل عمرية متأخرة، فيما لا تزال حالات الضعف الجنسي موجودة، في تزايد مستمر، بسبب الضغوط التي تعاني منها المجتمعات الحديثة.
المشكلات الجنسية صفات شخصية
تؤكد الدراسات العلمية، أن المشكلات الجنسية موجودة عند المصابين بها، سواء كانوا يعانون من أمراض نفسية من عدمها، فهي من ضمن صفاته الشخصية، والجسدية، ولكن الأمراض النفسية من شأنها أن تعزز تلك المشكلات، وتجعلها تظهر، بالإضافة إلى أنها قد تضيف إلى العلاقات السوية، بعضًا من الممارسات، والسلوكيات الشاذة.
كما تشير الدراسات إلى أن تأثير الأمراض النفسية على الهرمونات، يكون تأثير غير مباشر، ولكن الأعراض النفسية يصاحبها هبوط جميع معدلات الإنتاج والبناء والإفراز في جسم الإنسان. ومن ضمن ما يتأثر بتلك الحالة هرمونات الذكورة، عند الرجال، وهرمونات الأنوثة عن النساء، كما تحدث لهن بعض الاضطرابات في الدورة الشهرية.
أدوية الأكتئاب وتأخير القذف
أنتشرت خلال الآونة الأخيرة بعض الإستخدمات غير المقننة لأدوية مضادات الأكتئاب لإبطاء سرعة القذف عن الرجال، وتعتبر هذه الأستخدامات في غاية الخطورة على صحة الأشخاص الذين يقومون بها، لأنها تتخطى الحاجز الطبيعي الموجود بين الدورة الدموية والمخ، وبالتالي تؤثر هذه الأدوية بشكل مباشر على إنزيمات المخ، دون وجود العرض المخصصة لعلاجه، وبالتالي يحدث خلل في هذه الإنزيمات، مع الاستخدام المتكرر لهذه الأدوية.
وفي هذه الحالات فإن مستخدمي أدوية الأكتئاب يستفيدون من الأعراض الجانبية لها، والمتمثلة في تأخير مدة القذف، للإستمتاع بعلاقة جنسية أطول، ولكنها في النهاية لا تعالج المشكلة الأساسية، بل وتؤثر على مراكز الرغبات في المخ.