لم يعد العلاج النفسي هو ذلك النوع من الاجراءات الطبية الترفيهية التي يلجأ اليها البعض ممن تتوفر لديهم القدرات المادية، ويتمتعون بمستوى ثقافي واجتماعي مرتفع. وتبقى مشكلة الاصابة بأعراض مرض الاكتئاب من التحديات التي تواجه بنى البشر فى كل مناطق الكرة الارضية على السواء، الغنية منها والفقيرة، والمتقدمة منها والنامية، وتشير الاحصائيات الى ان نحو 10% من سكان العالم مصابون به. وتتباين النسبة بين النساء والرجال، حيث تتضاعف النسبة في النساء عنها عند الرجال، والاكتئاب هو مرض قاس، يشكل عبئًا ثقيلا على الفرد.
وتتعدد انواع مرض الاكتئاب، وتختلف اعراضه، أي ان المرض واسبابه واعراضه ليست واحدة، بالإضافة الى وجود نوعين اخرين منفصلين هما الاكتئاب الإكلينيكي، والذي قد ينتج عن حدوث بعض التغيرات بالكيمياء الجسدية، ويتميز بالأعراض شديدة الحدية، بالإضافة الى اكتئاب صدى المشكلات، وتكون اعراضه اقل حدية بالمقارنة بالاكتئاب الإكلينيكي.
والاكتئاب لا يعنى غياب السعادة، بل له اعراض مرضية منها حدوث اضطرابات بالنوم، والاصابة بالكوابيس الشديدة، والشعور بتدني الذات، ونقص الشهية او زيادتها، والحزن المستمر، والبكاء لأبسط الاسباب، والقلق من المستقبل، والانعزال والانطواء، وفقدان المتعة، وفقدان الرغبة في ممارسة الجنس عند المتزوجين، وغالبًا ما تستمر هذه الاعراض لفترة تتعدى الاسبوعين.
وقد يلجأ الكثير من مرضى الاكتئاب الى التفكير في الانتحار، والتخطيط له، بل يُقدم بعض المرضى على تنفيذ هذه الخطوة الخطيرة على الرغم من اصابتهم بأعراض قد تكون بسيطة بالمقارنة بغيرها، ولكن الفكرة قد تكون اختمرت بالعقل الباطن للمريض.
وأيضًا قد تصاحب بعض الاعراض الاكتئابية الامراض البدنية مثل السكر والفشل الكلوي والكبدي، كما يصيب الاكتئاب المؤقت السيدات خلال الحمل وبعد الولادة. وتتفاقم الاثار السلبية لأعراض مرض الاكتئاب بإهمال العلاج. وترجع اسباب الاصابة به الى اسباب بيولوجية (وراثية)، وهى تحتاج الى علاج طويل المدى، كما ترجع اسباب الاصابة به الى البيئة المحيطة، والتعرض للإحباط، ولكن هذه الحالات قد تتحسن بصورة اسرع بعد خضوعها للعلاج، وقد يستغرق علاجها من 3 الى 6 اشهر.
وتؤدى الاعراض الشديدة للاكتئاب الى فقد الهمة والارادة الدافعة للقيام بالمهام والمسئوليات اليومية للمريض، فغالبًا لا يستطيع الشخص المصاب بمرض الاكتئاب ان يمارس عمله وأنشطته الاجتماعية بصورة طبيعية، بل يجد صعوبة فى القيام بذلك، ويلجأ الى الانسحاب الاجتماعي ويفضل الانطواء والانعزال.
وتؤكد الدراسات العلمية ان مرض الاكتئاب موجود في الريف والحضر بنفس الدرجة تقريبًا، كما يصاب به الاطفال والمراهقين والبالغين بنفس الدرجة أيضًا، ولكن باختلاف المسببات، والفارق هو في رصده بصورة أكبر بالحضر يرجع الى وسائل اكتشافه المتعددة، والتي لا توجد بالريف.
ويمكن ملاحظة اعراض مرض الاكتئاب على المريض من خلال ربط الشواهد والاسبابب ببعضها، مثل انطواء الشخص بعد المرور بظروف معينة، او من خلال عزوفه عن المشاركة في المناسبات الاجتماعية.
وتتعدد انواع علاج اعراض مرض الاكتئاب، وتشمل العلاج الدوائي، ومنها مثبتات اعادة امتصاص السيروتونين الاختيارية، ومضادات الاكتئاب ثلاثية الحلقات، ومضادات انزيم المونوامين، وغالبًا ما يكون لهذه الادوية اعراض جانبية بمستويات متفاوتة عادة ما تزول وتختفي خلال اسابيع معدودة.
وهناك العلاج النفسي عن طريق جلسات الاسترخاء، واجراء المحادثات مع الطبيب النفسي، وهي ذات فعالية، حيث يعمل الطبيب على التعرف على الافكار والمعتقدات السلبية التي تدور في ذهن المريض، واستبدالها بأفكار اخرى ايجابية وتحفيزية.
ومن ضمن انواع علاج الاكتئاب، هو العلاج بالصدمات الكهربائية، في بعض الحالات المتأخرة، وشديدة الخطورة، كما توجد بعض الاعراض التي قد يتمكن الطبيب غير المتخصص من اكتشافها وعلاجها دون الحاجة الى الاستعانة بالطبيب النفسي، ومن المهم ان يكون للمريض دور فعال في علاج الاكتئاب.