ظل مرض انفصام الشخصية أو الشيزوفرنيا لوقت طويل يمثل مشكلة تواجه الاطباء النفسيين، وتحديًا لقدراتهم على علاج الحالات المريضة به، كما انه ارتبط في اذهان الكثير من الناس ببعض الاوهام التي لا اساس لها في الواقع، حيث يعتقد البعض وجود قوى خفية لها علاقة بالجن والشياطين، وأنها تقف وراء الاصابة به، نظرًا لما يتخيله المرضى من اصوات تتكلم معهم وتحاورهم.
وشيزوفرنيا، او انفصام الشخصية، هو أحد أكثر الامراض النفسية انتشارًا، حيث يصيب نحو 1% من مجموع سكان العالم، كما ان علاجه لا يزال يمثل تحديًا للطب النفسي حتى الآن.
واضطرابات انفصام الشخصية لها تأثير عميق على عقل المريض بها، ويحدث عدة تغييرات معينة في طبيعته وسماته الشخصية، كما يؤثر المرض على الوظائف الجسدية للمريض، فيجعله يشعر بحالة من اللامبالاة وعدم التحلي بالمسئولية تجاه متطلبات الحياة، كما يصيب المريض بتبلد المشاعر، وتكون ردود فعله العاطفية غير طبيعية، وغير منسجمة او متسقة مع المواقف التي يتعرض لها المريض، وفى غير محلها في الحزن والفرح والضحك واللعب.
وينظر مريض الشيزوفرنيا للواقع والحياة، بطريقة غير واقعية، كما انه يصاب في تفكيره، فتقل بالتالي قدرته على التركيز، وحتى اظهار العاطفة، وتكون احكامه وتقديراته غير متزنة، ومبالغ فيها.
ويتأثر مريض الشيزوفرنيا تأثرًا بالغًا بالمرض، بالدرجة التي قد تسبب له هلاوس وخيالات غير حقيقية، كأن يعتقد بعض المرضى مثلا بسماعهم اصوات اشباح، كما قد يعتقدون بوجود من يريد ايذائهم، والانتقام منهم، وقد يشعرون بالاضطهاد والخوف.
ومرض الشيزوفرنيا له اعراض تظهر على شكل اضطرابات فى التفكير والاحساس والمشاعر، ويصاب به الرجال والنساء على السواء، ولا توجد موانع لدى الجانبين تمنع اصابة أحدهما به اكثر من الاخر، بينما يكون هناك اشخاصًا لديهم الاستعداد الكيميائي والوراثي بصورة اكبر.
وتبدأ الاصابة بالمرض للأكثرية العظمى من سن 15 الى 25 سنة، والاطفال نادرًا ما يصابون بهذا المرض، او بمعنى اخر لا تظهر عليهم الاعراض المرضية، الا انه قد يأخذ عندهم شكلا أقرب الى التوحد.
ولمرض انفصام الشخصية اعراض من ضمنها اضطراب التفكير، الضلالات والهلاوس المرضية السمعية والبصرية، العدوانية، واعراض اخرى تتعلق بالسمات الشخصية للمريض، مثل الانسحاب الاجتماعي، الجمود العاطفي، فتور العلاقات الاسرية، اهمال العبادات والطقوس الروحية، اهمال النظافة الشخصية.
ويغير مرض انفصام الشخصية من طبيعة المريض، حيث تحدث للمريض انتكاسات فى العمل والعلاقات الاجتماعية، ويفضل الانعزالية والانطواء، ثم تتطور هذه الاعراض ويصبح معها المريض يشك في الاخرين، فيرفض مجالسة اهله، ويعتبرهم عقبة امام تطلعاته.
وانفصام الشخصية هو مجموعة من الاعراض ولا يمكن القول عند ظهور عرض واحد بأن صاحبها مصاب بالمرض. وقد تختلط الاعراض المرضية لانفصام الشخصية مع امراض اخرى مثل الاكتئاب، حيث من ضمن اعراض المرضين الانطواء والانسحاب الاجتماعي، بالإضافة الى اهمال المريض لنظافته الشخصية.
وبالنسبة لأسباب المرض من الناحية العلمية، فهو يرجع لنقص انزيم الدوبامين في الدماغ، وهو المادة التي تعمل على نقل الافكار والمعتقدات من خلية إلى اخرى في جسم الانسان، كما ان زيادة هذه المادة تؤدى الى حدوث الخلل ايضًا، وتجعل المريض غير قادر على التحكم في افكاره.
وتوجد اسباب اخرى للمرض مثل الاستعداد الوراثي، بحيث غالبًا ما تؤكد الفحوصات الطبية وجود تاريخ من الاصابة بالمرض في عائلة المريض، وقد تزداد درجته إذا كان الاب أو الام مصابين به.
كما تؤدى الضغوط النفسية الناتجة عن مشكلات الحياة الى احتمالية تعرض الانسان الى الاصابة بالمرض، بالإضافة الى المرور بحالات احباط متكررة، ويكون كذلك مدمني المخدرات والكحوليات من ضمن الاكثر عرضه للإصابة به.