عادة ماتكون الفحوصات الطبية المعملية للذين يصابون باعراض الاضطرابات النفسية خالية من وجود أية دلائل على
اصابتهم بمرض معين حددته تلك الفحوصات، وذلك على الرغم من تعرضهم لبعض الظواهر المرضية مثل القئ
والمغص والصداع والهزل العام، ونقص التركيز.
وقد يكرر المريض تلك الفحوصات، ويعرض حالته على العديد من الأطباء، الا ان النتيجة المعملية تظل كما هى،
لا توجد ادلة على وجود اى امراض بدنية أصيب بها المريض.
وينصح خبراء الطب النفسى الذين يعانون من تعدد الاعراض المرضية دون وجود أثر أو دليل على اصابتهم بمرض بدنى محدد
أن لا يترددوا فى عرض حالاتهم على أخصائيين نفسيين، حيث توجد مقولة (الجسم مرآة النفس وبالعكس)،
فالكثير من الأمراض يلعب التوتر والقلق والاضطراب النفسى دوراً مهماً فى الاصابة بها.
وبالتأكيد يوجد ارتباط وثيق بين صحة الجسم والصحة النفسية للانسان، ولايمكن على الاطلاق أن يحدث اكتمال لصحة الجسم،
اذا حدث اعتلال او اضطراب بالصحة النفسية، وأيضاً لاتكتمل صحة النفس اذا مرض الجسم، لذلك يجب الاهتمام والعناية
الجيدة بصحة النفس والجسد معاً حتى يعيش الانسان متمتعاً بالصحة على أفضل وجه، وأيضاً يمكن القول أن
الصحة البدنية والصحة النفسية توأمان فى جسد واحد.
والمراد بالصحة هنا، هى سلامة الاعضاء والحواس الموجودة بجسم الانسان، حتى تؤدى وظائفها بالمستوى الطبيعى،
وبالتالى يتصف الانسان بالحيوية والنشاط، وبالقدرة على بذل المجهود الذى يتناسب مع مرحلته العمرية، وعدم الشعور
بالتعب من بذل أقل مجهود، وتحسن حالة الجهاز المناعى لديه ضد الأمراض الخارجية.
وفيما يتعلق بالصحة النفسية فهى شعور الانسان بأن كل شئ على مايرام، وهى مزيج من الشعور بالسعادة والرضا
والطمأنينة والأمن وسلامة العقل والايمان بالله، والاقبال على الحياة ومواجهة الصعاب، والتوافق مع المجتمع والبيئة،
والتمتع بحسن الخلق، والكفاءة، والصدق، والاتزان العاطفى.
تابع الصحة البدنية والنفسية توأمان في جسد واحد
ولايوجد انسان يخلو من القلق والتوتر والاضطراب النفسى نتيجة تعامله مع المجتمع والبيئة، ولكن الفرق بين الشخص
الصحيح نفسيًا (السوي) والمريض نفسياً (المضطرب)، هو نوعية الاعراض، فاذا كان القلق والاضطراب عند مواجهة
التحديات والمشكلات فى الحدود المحتملة، فذلك يعنى ظاهرة صحية، تدفع الانسان الى شحن طاقاته والتغلب
على المشاكل، ولكن عندما يصبح القلق والتوتر دافعاً لميل الانسان الى الاكتئاب واختلال التوازن النفسى
والاعاقة، فهذا يعنى حلول المرض بنفس الانسان، وأن النفس والجسد بحاجة الى العلاج، وهنا يعرف العلاج بـ علاج الاضطرابات النفسية ..
والوقاية من الامراض النفسية تبدأ من الطفولة حين يبدى الوالدين اهتماماً بالاحتياجات الرئيسية للنمو الطبيعى لاطفالهم،
ويتواصل هذا الاهتمام الى سن المراهقة والشباب، ثم تأتى بعد ذلك الوسائل الاجتماعية الوقائية والدينية لترسيخ
وتعزيز الاستقرار النفسى للشخص، وتكوين قاعدة اخلاقية ودينية تدعم توجهاته الصحيحة، وتقيه من الانحراف
الاخلاقى أو النفسى.
واثبت العلم الحديث 5 خطوات يعزز اتباعها صحة الانسان النفسية، وتتمثل هذه الخطوات فى (التواصل)، حيث يمكن للانسان
استثمار بعض الوقت فى اقامة علاقات اجتماعية مع المحيطين به، سواء من الاقارب أو زملاء العمل، أو الاصدقاء،
و(النشاط البدنى)، والذى لايعنى بالضرورة الذهاب الى الاندية وصالات الالعاب الرياضية، بل يكفى أن يتعود
الفرد على السير لمدة 30 دقيقة يوميًا حتى يشعر بالاسترخاء، و(التعلم)، لأن من شأنه أن يزيد ثقة الانسان
بنفسه، كما يمنحه شعوراً بالانجاز، اضافة الى (العطاء)، والذى تتمثل أبسط مبادراته فى الابتسام للآخرين،
وأخيراً (الانتباه الجيد للحظة)، بمعنى أن يدرك الفرد جيداً اللحظة التى يعيشها بكل مافيها من مشاعر
وأفكار، حيث يساعد ذلك على تغيير نظرته للحياة بشكل عام، ويصبح معها أكثر ايجابية فى التعامل
مع مشكلات الحياة.