لا تخص المشاكل النفسية فئة محددة من البشر، دون غيرهم، فالدراسات العلمية تسير الى واحد من كل اربعة اشخاص يعانى من مشكلة نفسية تتطلب تدخلا علاجيًا مرة واحدة على الاقل فى حياته.
ويعنى ذلك ان نحو ربع سكان كوكب الارض يعانون من مشكلات نفسية، ومايعنيه ذلك من معاناة اقربائهم معهم خلال فترات المرض، خصوصًا فى الحالات المزمنة التى يتطلب علاجها مدد زمنية طويلة، بالاضافة الى الحاجة لوضع استراتيجية علاجية للتعامل معها، فمثلا توجد الازمات النفسية الدائمة التى تلازم الانسان طيلة حياته،، بينما هناك اخرى قد تصيبه مرة واحدة فقط.
ويتزايد تعرض الانسان فى الحياة الحديثة الى الصدمات والصراعات النفسية، والتى يرجع اسبابها الى حالة الانفتاح الاعلامى وتدفق المعلومات التى يشهدها العالم، بجانب وسائل التكنولوجيا التى تسرع من ايقاع الاشياء الملازمة للحياة الانسانية.
وللتعامل مع الصدمات النفسية يتبع الانسان مايطلق عليه استراتيجيات التعامل مع الازمة، وهناك نوعين من استراتيجيات مواجهة الازمات النفسية، اولها الاستراتيجيات السلبية، مثل لجوء الشخص إلى التناسى او محاولة عدم تذكرها، وللأسف المشكلات النفسية لايمكن مواجهتها بطريقة التجاهل والنسيان، لأن العلاج النفسى يعتمد بشكل اساسى على التذكر، وذلك على عكس كل الحيل التى يلجأ اليها الكثيرون، فمعظم الذين يمرون بحوادث او ظروف صعبة يهربون منها بالتناسى، وهو غير جائز، فالتعامل مع الحدث الصادم ومحاولة تذكره باستمرار هو احد ادوات العلاج النفسى.
وبالنسبة للاستراتيجية الثانية (الايجابية)، فهى تعتمد كلها على المواجهة، ولها ادوات وطرق متعددة مثل السيكو دراما، وهى فن مسرحة المشاعر، والعلاج بالكتابة، بالاضافة الى العلاج الدوائى.
وأيضًا يحاول البعض البحث عن حلول سريعة للازمات النفسية مثل تناول العقاقير المهدئة الغير موصوفة عن طريق المختصين النفسيين، ودون مراجعتهم، وهذه الطريقة تتزايد بصورة كبيرة، خصوصًا فى المجتمعات الفقيرة، والتى بالتأكيد لاتساعد فى حل المشكلة الاساسية نفسها.
ومن ضمن الاستراتيجيات الخاطئة استشارة المقربين للحصول على رأيهم فيما يتعلق بالقرارات المصيرية، والذى قد يكون عاطفى فى كثير من الاحيان، فيؤدى الاخذ به الى وقوع ازمات تؤدى الى المرض النفسى.
وتلجأ بعض الأسر وتحديدًا فى المجتمعات الشرقية، الى الدجل والخرافات للتعامل مع حالات ابنائهم النفسية، والتى هى علميًا تؤدى الى تفاقم العلاج، حيث يستخدم المشعوذون وسائل الايذاء البدنى والروحى مع المريض، خلال جلسات العلاج، وحتى ان بعض المرضى يصلون فى النهاية الى الاطباء النفسيين بعد مرورهم على 5 او 10 دجالين، وهذه الممارسات ايضًا مخالفة للشرع السماوى.
وتدريب الانسان لذاته على الصبر عند حل المشكلات من الاستراتيجيات الايجابية التى تعزز من مهاراته فى التعامل مع الازمات النفسية، واحتمالها، وعدم تحويلها الى كارثة فى مشوار الحياة.
ويجب على الانسان عند شعوره بضغط المشكلات النفسية ان يلجأ الى الحصول على قسط كافى من الراحة، او الحصول على فترة اجازة طويلة، فمؤخرًا اقرت شركات التأمين بندًا يمنع حصول الشخص المؤمن عليه على مبلغ التأمين فى حالة تعرضه لأى وعكات صحية فى السنة التى لم يحصل فيها على عدد ايام الراحة المقررة دوليًا، فالحصول على قسط الراحة او الاجازة المناسبة ضرورية لاعادة شحن الطاقة النفسية.
وختامًا فالاشخاص الوحيدون القادرون والمنوط بهم تحديد درجات المشكلات النفسية، واقتراح طرق ووسائل علاجها هم الاطباء والاخصائيين النفسيين، وليس غيرهم، فالعلاج النفسى يختلف كثيرًا فى اعراضه عن الامراض البدنية، ويحتاج تشخيصه الى معرفة قدر وافى من المعلومات عن صاحب المشكلة وظروف نشأته والبيئة التى يعيش فيها، كما ان التشخيص الطبى هو الذى يحدد نوعية العلاج الملائم والمناسب للحالة.