تعتبر الأفيونات المخدرة من المواد الشبيهة بتلك المواد الطبيعية التي يفرزها جسم الإنسان، وهذه المواد مسئولة عن الكثير من الأحاسيس والمشاعر، مثل أحاسيس النشوة والسعادة أو تحديدًا القدرة على أن يشعر الإنسان بالسعادة.
وعندما يبدأ مدمن الأفيونات بتعاطي هذه المواد من خارج الجسم، يبدأ الجسم في تقليل أو وقف إفرازها طبيعيًا، لأن لها تركيز عام ونسب محددة للإفراز، ولذلك فالجسم يوقف إفرازها بشكل كامل إذا زادت الجرعات الخارجية عن الحد.
والأعراض الانسحابية للمواد الأفيونية في الغالب تكون مرتبطة بانخفاض معدل هذه المواد في جسم الشخص المدمن، حيث إذا ما توقف عن تعاطيها تقل تدريجيًا بالجسم وبالتالي يشعر بحاجته إليها.
وفي أغلب الحالات تأتي الأعراض الانسحابية للمواد الأفيونية في شكل تعب عام بالجسم وآلام بالعظام وتقلصات بالجهاز الهضمي، وكذلك الصداع الشديد.
وتعتبر مسألة الرغبة في العلاج من إدمان المواد الأفيونية من ضمن الأمور التي يُعَوَل عليها كثيرًا لتسهيل كل الأعراض الانسحابية، فرغبة المدمن في تغيير شكل حياته هي المفتاح الأساسي للخروج من ذلك النفق المظلم.
ومهما كانت إمكانيات الطبيب المعالج وفريقه العلاجي فإن دورهم يقتصر فقط على آلتوجيه والإرشاد ودعم المدمن بالنصائح ووصف الأدوية المناسبة لحالته، وبالتأكيد فكل هذا الدعم السلوكي يحتاج لأن يتقبله المريض بصدر رحب ويتحمل مشاق القيام به من أجل أن يتجاوز محنته.
ويوجد الكثير من النماذج الناجحة التي تمكنت من التغلب على إدمان المواد الأفيونية، وذلك على الرغم من الحالات السيئة التي أوصلهم الإدمان إليها سواء في شدة درجات الإدمان أو الآثار الجسدية العقلية المدمرة له. ومن ضمن هذه النماذج حالة لشخص أدمن لمدة 33 سنة على المخدرات بشكل عام، من ضمنهم 20 سنة متصلة كان يتعاطى فيهم الهيروين عن طريق الحقن.
وخلال تلك الفترة الطويلة أصيب بمشكلات صحية كبيرة، نتيجة للجرعات الزائدة في بعض الأحيان، والحقن الخاطئ في أحيانٍ أخرى، ومع زيادة التعاطي وتأثيره السلبي عليه فقد للأسف بعض حواسه.
ومع ذلك قرر ذلك الشخص خلال إحدى الأيام التوقف عن التعاطي بشكل كامل وطلب العلاج والبحث عنه، معتبرًا أن حياته لا يمكن لها أن تستمر على ذلك النحو شديد السوء.
وخلال إحدى جلسات العلاج الجمعي سأله أحد الحاضرين للجلسة باعتبار أن سنه كان يعتبر متقدمًا بالمقارنة بغيره من الموجود بالجلسة، لماذا يقدم على العلاج وهو في هذه السن، بجانب أنه غير متزوج ولا ينجب، وبالتالي لا توجد لديه مبررات للإقلاع، فكانت أجابته على الفور بأنه أختار طريق الإقلاع من أجل نفسه والمحافظة عليها وتقويم شخصيته، وإن حدث وقضى أجله وانتهى فإنه يفضل أن يحدث له ذلك وهو مقلع عن المخدرات.
وتتحسن كثيرًا من الأعراض والمشكلات الصحية التي يسببها الإدمان على المواد الأفيونية خلال فترات تتراوح ما بين 6 شهور إلى سنة من تاريخ الإقلاع عن تعاطيها، كما تعود الوظائف الذهنية كالذكاء والذاكرة والانتباه والاستيعاب والتركيز والتي تكون قد أصيبت باعتلالات متعددة خلال فترات التعاطي إلى التحسن خلال فترة تتراوح من 3 إلى 6 شهور من بدء التوقف عن التعاطي.
ومن ضن أخطر ما يواجه مدمني المخدرات بشكل عام والمواد الأفيونية بشكل خاص، نظرًا لطبيعتها الإدمانية ومخاطرها الشديدة بجانب سمعتها السيئة جدًا في المجتمعات، هي الوصمة الإجرامية التي من الممكن وصفهم بها حال اطلاع الآخرين عليهم وتفشي أخبار إدمانهم، ولذلك تحرص أغلب مؤسسات العلاج الحكومية والخاصة على أن تبقى معلومات المرضى المتقدمين للعلاج سرية، ولا يسمح لأحد بمعرفتها.