الحياة من دون الفشل تعنى حياة خالية من النجاح والاحلام والتحديات. وسواء كان النجاح ممتعًا، وكان الفشل مؤلمًا، فالاثنين يحتاجان الى تعلم مهارات مواجهة ضغوط الحياة اليومية، مثل الاحباط، الاستفزاز، وسخرية الاخرين، ليتمكن الانسان من العيش بشكل سوى وصحيح.
وتهدف مهارات مواجهة ضغوط الحياة اليومية الى تدريب الشخص على التحكم في انفعالاته، دون خسارة علاقاته بالمحيطين به، فالضغوط الشديدة التي يتعرض لها الانسان قد ترجع لوجود نوع من المنافسة بينه وبين الاخرين في العمل، الرياضة، الحياة العامة. ومع مرور الوقت تصل به هذه المنافسة الى نتائج سلبية على صحته النفسية، وان كانت نتائجها ايجابية في البداية.
وقد ترجع حالة التنافس هذه الى وجود حالة من التكبر عند البعض، خصوصًا إذا كانوا ناجحين او متميزين عن غيرهم، مما يخلق عند اقرانهم والمحيطين بهم حالة من الكراهية والغضب تجاههم.
ومن ضمن مهارات التعامل مع ضغوط الحياة مواجهة المواقف المحرجة او حالات تجاهل الاخرين. فالتعرض للمواقف المحرجة شيء وارد، والكثير من المواقف التي تمر بالإنسان قد تشعره بحالة من الاحراج، مثل سقوط الطعام على الملابس والارتباك خلال تناول الطعام مع مجموعة من الاشخاص، او شراء بعض الاشياء من أحد المتاجر، واكتشاف ان النقود التى بحوزة الفرد غير كافية لسداد فاتورة الشراء. كما توجد بعض المواقف الاجتماعية التي قد تشعر الفرد بتجاهل الاخرين له مثل اتفاق اصدقائه على الخروج للتنزه من دون اشراكه في الامر.
وتؤكد الدراسات النفسية ان أفضل رد فعل يمكن للإنسان ان يتخذه حيال تلك المواقف المحرجة، ولتجنب تأثيرها عليه نفسيًا، هو تجاهله لها تمامًا، وكأنها لم تحدث اصلاً، وان يحاول قدر الامكان ان لا يتخذ رد فعل مبالغ فيه لأن من شأن ذلك ان يعطى للموقف اهمية قد لا تناسب الفعل الأساسي، كما ان تجاهله يجعل من السهل نسيانه، لعدم ارتباطه بتوابع اخرى.
اما فيما يتعلق بحالات التجاهل، فعلى الانسان ان يبحث عن الاسباب التي دفعت الغير الى تجاهله، وهل له هو دخل فيها، ام ان المشكلة تتعلق بالذين تجاهلوه. وعلى الفرد ان يعلم جيدًا ان قيمته الذاتية لا تتأثر بموقف معين، او عدة مواقف، وبالتالي يجب ان لا يدفعه موقف معين الى اهتزاز ثقته بالآخرين، وايضًا الغضب المبالغ فيه من مثل هذه التصرفات يعتبر خروج عن الاتزان النفسي، واستسلام للدونية والكبرياء الزائف، ويدل ذلك على ضعف الصورة الذاتية للفرد.
وتعتبر ايضًا مهارة التعامل مع الفشل من ضمن المهارات الضرورية للتعامل مع الضغوط اليومية، فلا يستطيع الانسان تحقيق النجاح الا إذا مر بمراحل الفشل واستطاع ان يتغلب عليها، وذلك لأن مهارات الفشل تثقل الخبرات، وتجعل الفرد يقترب خطوات من تحقيق النجاح. فالفشل محطة في الحياة يتطلب الوصول الى النجاح المرور عليها، وهذا ما يطلق عليه (المرونة النفسية).
والمرونة النفسية تعنى قدرة الشخص على تحمل الانضغاط النفسي دون ان ينكسر، وان يعود مرة اخرى الى السعي نحو النجاح، مع تجنب الاخطاء التي تسببت في الفشل السابق.
والتعامل مع الفشل يتطلب الهدوء وتقبل الخطأ، فالمحافظة على الهدوء تجعل الشخص يتعامل بشكل أفضل مع حالة الفشل، وتجعله يقرأ تفاصيلها بعناية، وقد يحتاج الشخص الى الاسترخاء قبل الانغماس في قراءة تفاصيل الفشل، وتحليل عواملها واسبابها مع الحرص على تجنب الاسقاط والقاء اللوم على الاخرين.
وبالنسبة لمهارات التعامل مع حالات السخرية التي قد يتعرض لها الفرد من الاخرين، والتي تكون خارج إطار الفكاهة فتحتاج الى تيقن الانسان الى ان مشاعره هي ملك له هو فقط دون غيره، وبالتالي فشعوره بالسخرية من عدمه يرجع لنفسه وتقبلها للموقف، كما يجب على الفرد ان يتحكم في نفسه ويضبط انفعاله ويحاول تحويل الموقف على الشخص الساخر منه، وايضًا هناك دراسات نفسية تؤكد ان الاشخاص الذين يلجؤون الى السخرية من الاخرين يعانون من مشكلات واضطرابات تتعلق بحوادث سابقة قد مروا بها.