تعتبر اضطرابات الوهن النفسي، والوهن العصبي، وجهان لعملة واحدة، وهي اضطرابات الوهن النفسي العصبي، ولكن بعض علماء النفس فضلوا تفرقة المشكلتين عن بعضهما، علمًا بأنهما في الغالب يجتمعان معًا، حيث قد يبدأ الوهن عصبيًا، وينتهي عصبيًا نفسيًا، وإما أن يبدأ الوهن نفسيًا، وينتهي نفسيًا عصبيًا، وبالتالي تكون المدة الزمنية لافتراقهما وجيزة، كما أنهما بحساب النتائج يوصلان إلى نفس الأعراض.
عناصر المقال
تعريف مرض الوهن
الوهن هو شعور ذاتي بالضعف والإنهاك، وعدم القدرة على أداء المهام الحياتية، وهو أيضًا بالإضافة إلى ذلك، شعور بالتعب المستمر للذهن والجسد المؤدي في نهاية المطاف إلى الشعور بالدونية، يصاحبها يأس من الخلاص من الحالة، وقد تتمادي الأعراض، وتصل بالمريض إلى حد الانهيار الكامل، ولا يكون أمامه خيارات سوي الدخول إلى المصحات العلاجية، حيث يكون العلاج بالمنزل، والعلاج لدي الطبيب النفسي، لم يعد يجدي نفعًا.
وفي العادة، يُصاب بهذه الاضطرابات نحو 10%، من المصابين ببعض أمراض الجهاز العصبي، فيما تشكل النسبة الكلية للإصابة بالمرض حول العالم بحسب الإحصائيات الحديثة نحو 5% من السكان خلال إحدى مراحل حياتهم.
الأعراض مجموعتين
توزع أعراض المرض إلي مجموعتين، هما (مجموعة الأعراض النفسية)، و(مجموعة الأعراض الجسدية)، وبالنسبة لـ(الأعراض النفسية)، فإن أول أشارة عند المُصاب بهذا المرض، هي شعوره بالتعب السريع، إذا قام ببذل أقل مجهود، وتباعًا يلازمه شعور بالخمول، يُصاحبه حالة من الارتخاء العضلي، وعلي المستوي الذهني، يشعر بضعف في التركيز.
لا استثناء لأحد
تصيب هذه الأعراض جميع الأشخاص دون استثناءات من الجنسين، ومن جميع المهن والطوائف، والمستويات الاجتماعية، مثل طالب المدرسة، طالب الجامعة، الموظف، العامل العادي، وربة المنزل، وقمة الإصابات بها غالبًا ما يتم ملاحظتها، عند سن الـ50 سنة، لدي السيدات، حيث يبدأ عندهن سن اليأس، وبعمر الـ60 سنة عند الرجال، وهو بداية مرحلة التقاعد عن العمل.
ويرجع ذلك إلى دخول الجنسين الإناث والذكور بعد هذه السن في مراحل تحولية حياتيه مع احتمالات وجود بذور الأعراض لديهم، مما تعمل التحولات المشار إليها إلى جعلها تظهر للعيان بشدة.
المرض نهاري
يحتد ظهور أعراض اضطرابات الوهن النفسي العصبي خلال أوقات معينة من اليوم، مثل بداية شروق الشمس، في الصباح، حيث تكون الحالة في أوجها، ويصبح المريض في أشد حالات الإعياء والوهن ثم ولغرابة الأمر، فقبيل غروب الشمس، تبدأ الأعراض بالتلاشي، وتتحسن معها حالة المريض، ومع حلول الليل، يشعر بأنه طبيعيًا، إلى حد كبير، وكأن لم يصيبه شيء خلال النهار.
ويفسر علماء النفس ظهور الأعراض بهذه الحدة أثناء بدايات اليوم بأنها حالة من الهروب لأن العقل الباطن (اللاشعوري) عند الاستيقاظ يشعر باقتراب تحمل المسئوليات، أما عند حلول المساء، فإن العقل الباطن، يدرك أن وقت المسئوليات قد ولى.
الأعراض النفسية للوهن
من ضمن الأعراض النفسية لمرض الوهن هو عدم دقة المريض عند العمل، وبطئه في إنجاز الأعمال، بالإضافة إلى إصابته بضعف في العزيمة والإرادة، وغالبًا ما يسعي للهروب من المسئولية، ويصبح فكره يتمحور حول كيفية الهروب منها، وبطبيعة الحال يؤدي كل ما سبق إلى نوع من التشاؤم والسوداوية، فينتهي إلي غرق المريض في الإحباط الشديد.
الأعراض الجسدية للوهن
أما عن الأعراض الجسدية لاضطرابات مرض الوهن، فإن من أولي إشاراتها، معاناة المريض من ضعف ببنيته الجسدية، لأنه غالبًا ما يكون لديه فقدان للشهية، وبالتالي نقصان شديد في طاقة الجسم، بالإضافة إلى شعوره بألم جسدي، غير محدد.
قاسم مشترك بين المرضى
يوجد قاسمٌ مشترك، عند أغلب المُصابين بالوهن، وهو الصداع، والذي يعود لسببين، (السبب الأول): هو كثرة التفكير بالهروب، و(السبب الثاني): هو التوتر الداخلي، الذي قد يؤدي إلى حدوث تشنجات عضلية، وخاصة بمنطقة الرقبة، تؤدي إلى صُداع حقيقي، يستوجب العلاج.
ومن ضمن الأعراض الجسدية لمرض الوهن معاناة المريض من تقلصات بالعضلات، وشحوب لون البشرة، وقد يصاب المريض بالقولون العصبي، في شقه الامساكي، مما يؤدي إلى احتمالية إصابته بالبواسير، وبعض المشكلات الأخرى بالجهاز الهضمي.
يؤثر على القدرة الجنسية للذكور
قد يصاب المرضى الذكور، بضعف قدراتهم الجنسية، فيما يؤدى المرض عند الإناث إلى حدوث اضطرابات في الدورة الشهرية، ومن ناحية الآلام المصاحبة لاضطرابات الوهن، فإن أشهرها هي آلام أسفل الظهر.
اختلال بخزان الطاقة
ومرض اضطرابات الوهن، هو اختلال التوازن القائم في جسد المريض، والذي يُعرف بخزان الطاقة، و(خزان الطاقة)، هو مجموع ما تحتويه كل خلية من خلايا الجسم من الطاقة.
بعض مسببات المرض
من ضمن مسببات الإصابة بمرض اضطرابات الوهن، عدم وضوح أهداف الحياة، عند المريض، حيث يؤدي هذا الأمر إلى إعياء شديد في الداخل، وهذا الإعياء الشديد بدوره يؤدي إلى صرف الطاقة، وعلى الرغم من أهمية وجود أهداف يضعها الفرد لحياته، نجد أن الكثيرين يقومون بإهمال هذا الأمر، وقد يرجع ذلك إلى بعض السلبيات الموجودة في الحياة، مثل عدم وجود التوجيه الضروري للأطفال، والإغراق التكنولوجي لوسائل الاتصال الحديثة، الذي يُحاصرنا.
وكذلك من ضمن أسباب حدوث الاضطرابات، هو معاناة المريض من حالات الهروب، وهي حالات نفسية، ترتبط بمعالم شخصيته، حيث يكون غير مؤهل، ولا مدرب علي مواجهة مصاعب الحياة بالطريقة المُناسبة، فدائمًا ما يلجأ إلي الهروب بدلًا من مواجهته للمشاكل، ومحاولته حلها، وهذه الأمور مكلفة جدًا علي مستوي استنزافها لطاقة الجسم.
وقد ترجع حالات الهروب إلى التنشئة غير السوية، حيث يكون أغلب الذين يعانون من هذه الحالات، أما قد أسرف ذويهم في تدليلهم، وعلى العكس، قد يكونوا أسرفوا في قمعهم وإيذائهم.
وأيضًا من بين مسببات أعراض اضطرابات مرض الوهن، هو العوامل البيولوجية الوراثية، بالإضافة إلى الإنهاك الهائل، الذي يكون نتيجة لبذل مجهود كبير، من أجل الوصول إلى القمة سريعًا، كما يؤدي وقوع الفشل العملي والدراسي المتكرر، وعلي مر الوقت إلى الإصابة بالمرض.
وتشير الدراسات إلى أن التردد، المؤدي إلى الإنهاك الفكري، يدخل ضمن مسببات أعراض اضطرابات مرض الوهن، وقد تتطور حالات التردد، وتأخذ لاحقًا شكلًا مرضيًا خاصًا بها.
العلاج مُعقد
وفيما يتعلق بعلاج اضطرابات مرض الوهن، فالمشكلة تكون كثيرة التعقيد، فالعلاج الدوائي، يكون مطلوبًا، ويكون المريض في حاجة إليه، بجانب أشياء أخرى، من ضمنها التأهيل النفسي، والذي يتضمن مساعدة المريض على تقوية إيمانه، ووضع أهداف محددة له في الحياة، والتي تساعد كثيرًا على الخروج من الغرف المُظلمة التي يعيش فيها بشكل سريع.
ومن ضمن وسائل العلاج، هو تغيير المريض لنمط حياته، والذي في الغالب ما يكون نمطًا سيئًا، ومعاكسًا لمطالب الجسم، والروح، وذلك بالإضافة إلى تعويض نواقص الجسم، من بعض المواد الضرورية له، مثل: الماء، الأملاح المعدنية، الكالسيوم، الفيتامينات، وفي المعتاد ما يطلب الطبيب النفسي المُعالج للحالة، إجراء تحليل دم للمريض، ويطلب منه عرضه علي طبيب متخصص في أمراض التغذية، والذي يقوم بتصحيح نوعية الغذاء الذي يتناوله.
ومن ضمن العلاج الدوائي الذي يوصف لمريض اضطرابات مرض الوهم، الأدوية المُضادة للاكتئاب، والأدوية المُنشطة، بالإضافة إلى عمل برنامج رياضي له، حيث تعتبر ممارسة الرياضة في حالته هذه، هامة جدًا، وبجانب ذلك ينصح أهل المريض، بإحاطته بجو من المودة والرعاية الدافئة، وتحذيرهم من تركه يواجه مشاكله وحده، لأنه لن يستطيع بمفرده تجاوزها، أو ينتشل نفسه من المرض تلقائيًا.
ويحدد التشخيص الذي يجريه الأطباء النفسيين قبل وصفهم العلاج المناسب وجود المرض من عدمه، وشدته والأدوية المناسبة له، فقد تتشابه أعراض المرض مع أعراض أمراض نفسية أخرى مثل الاكتئاب، أو حالة انفصام مبكر في الشخصية، ما يتبعها من تطورات سريعة نفسية وعصبية، وأيضًا قد تتشابه الأعراض مع أعراض أمراض جسدية مثل فقر الدم.
وأخيرًا يجب التأكيد على أن مرض اضطرابات الوهن من الأمراض النفسية والعصبية الخطيرة التي تغرق المريض بها في مشكلات كبيرة، ومن الممكن أن تؤدي في النهاية إلي تدهور حالته الصحية، ووفاته.