بعد 16 سنة قضاها إيهاب في أحضان الإدمان تمكن من التعافي من المخدرات والإقلاع عن الادمان، حيث فتَحّت فترة العلاج مداركه على أمور كثيرة وسلوكيات ومهارات لم يكن يعلمها.
مر إيهاب بكل مراحل الإدمان وقام بتجربة كل الأنواع خلال ركوبه قطار المخدرات بدءًا من سجائر التبع وحتى الهيروين، ومن وجهة نظره فالخسائر التي يجلبها الإدمان على المخدرات تعتبر واحدة لدى الجميع، ولكن أصعبها هي نظرة الآخرين له.
ولا يعلم إيهاب لماذا وكيف لحق بقطار المخدرات؟، كما لا يعلم لماذا استمر فيه خلال تلك المدة الطويلة؟، فهو نشأ في بيئة يكاد يكون تعاطي المخدرات فيها أمرًا عاديًا، كما كان له أصدقاء يدمنون عليها، وببلوغه سن الـ 14، أصبح أكثر اعتمادًا على نفسه في الكثير من الأمور، وكان لزامًا عليه بحكم بيئته أن يجرب تدخين السجائر لأن من يدخنونها في الغالب هم من يتصفون بالصفات الرجولية.
ويعتبر إيهاب نفسه مدمنًا ذكيًا، وإن كان ذلك الذكاء سلبيًا، حيث تمكن من اخفاء إدمانه عن أسرته، وظل لفترة طويلة يبرع في تنفيذ ذلك، فلم تظهر عليه أية أعراض إدمانية، مؤكدًا أن من ضمن الأسباب القوية التي عجلت بإدمانه هي غياب الانسجام والتفاهم بينه وبين والده، بالإضافة إلى غياب متابعته له، وانشغاله الدائم عنه.
ويشير إلى أن أصعب مراحله مع الإدمان كانت تلك التي تعاطى خلالها الهيروين، فعلى مدار 7 سنوات كاملة كان ذلك المخدر الشيطاني هو شغله الشاغل، حيث تضخمت مشاكله وتلاحظ معها التغيرات التي طرأت على سلوكياته وملامحه الجسدية، وللأسف لم يتمكن أهله من الوصول إلى قرار إيجابي معه، حيث كان قد بلغ من العمر 26 سنة.
ويؤكد إيهاب أن المدمن النشط دائمًا ما يعاني من حالة إنكار شديدة، تؤدي إلى عدم رؤيته لطريق الصواب، أو حتى إدراك الأضرار التي ألمت به، معتقدًا أنه يستطيع الإقلاع في أي وقت دون أن يكون في ذلك أزمة.
ويلفت أيضًا إلى أن المدمن النشط يتمتع بحرفة الإقناع، فمن الممكن أن يُضبط متلبسًا بتعاطي المخدرات، ولكنه يظل مصممًا على أقناع غيره بأنه لم يكن يفعل ذلك، مرجعًا ذلك للشعور القوي الذي يعاني منه بعدم رغبته في وصمه بوصمة الإدمان.
إيهاب متزوج وله ابنان، وأثناء فترة إدمانه دُفنت كل مشاعر الأبوة عنده، فلم تكن له عاطفة سوى للمخدرات، للدرجة التي قام في إحدى المرات بطرح أحد أبنائه وهو الرضيع الذي لم يتجاوز عمره الـ 9 شهور أرضًا بسبب رغبته في الشعور بتقصيره بواجباته تجاهه.
دفعت تلك الحادثة إيهاب لاتخاذ قرار التوقف عن التعاطي والبحث عن العلاج، حيث أصبح مقتنعًا بأن نشاطه الإدماني قتل بداخله كل شيء، فلم يعد يؤمن بمبادئ أو يتحلى بالأمانة حتى نحو أبنائه، وأن المخدرات هي من توجهه وتتحكم في تصرفاته.
لم يكن إيهاب على علم بأي مركز علاج ادمان في مصر أو أياً من من مراكز العلاج والتأهيل من ادمان المخدرات، وانحسرت معلوماته عنها في أنها أماكن يحجز فيها المدمنون ليبقوا فقط بعيدين عن المجتمع ولا يتسببوا في مشكلات لذويهم، كما لم يكن مقتنعًا بأن هناك علاج وعودة لمن هم في مثل حالته، ومن ثم لم يكن مقتنعاً بنجاح أي دكتور لعلاج الادمان معه.
لكن بعد المشاورة والشد والجذب مع القريبين منه اقتنع بضرورة العلاج في مركز علاجي. وهناك خضع إيهاب للعلاج من الإدمان، ومرت عليه أعراض الانسحاب، وخلال 3 شهور قضاها بمركز العلاج والتأهيل تعرف على مرض الإدمان وأعراضه والسلوكيات التي تسببها المخدرات لمن يتعاطاها.
ومن الأمور الطريفة في تلك القصة أن صاحبها قام بالبحث عمن يبيعون ويروجون المخدرات داخل مركز العلاج والتأهيل الذي جرى علاجه فيه فلم يجدهم، فتأكد حينها أن كل ما يشاع عن عدم جدوى تلك المراكز غير صحيح.