الادمان هو التعود على تعاطي أشياء معينة، هذا التعود يأتي من جراء تجربة هذا الشيء للمرة الأولى، في حين يتناولها الإنسان للمرة الأولى فإن الجسم يشعر بحالة من السعادة والنشوة، ويود لو أن هذه الحالة من السعادة تتكرر فيقدم على تكرار التعاطي مرة ثانية وبالتالي يحدث الادمان فلا يستطيع الجسم الاستغناء عن هذه المادة.
ويعد ادمان المواد المخدرة من أكثر الظواهر التي انتشرت في المجتمعات بشكل كبير جدا، والتي قد تسببت في الكثير من النتائج السلبية التي ظهرت بوضوح على المجتمع المصري .
حيث أن عدد حوادث الطرق قد زاد بشكل كبير إلى جانب حدوث زيادات ومضاعفات في نسبة السرقات بالإكراه والحوادث الأخرى مثل حوادث الاغتصاب والتحرش الجنسي واللفطي، وهناك عدة أسباب قد ادت إلى انتشار الادمان في المجتمع المصري وبعض المجتمعات العربية الأخرى ومن هذه الأسباب ما يلي رقم:
أولا ، انتشار الجهل بين فئة كبيرة من أبناء الشعب المصري والشعوب العربية، هذا الجهل قد دفع بالكثير من الشباب والمراهقين إلى الإقدام على تجريب المواد المخدرة بدون وعي منهم بالمخاطر والأضرار التي تترتب على هذه التجربة .
حيث أن المواد المخدرة تتسبب في أن الجسم يتوقف عن إفراز بعض المواد الطبيعية التي يفرزها والتي تسكن الألم وتجعله في حالة طبيعية، وعندما يتوقف الجسم عن إفراز هذه العناصر فإنه يعتمد اعتمادا كليا على المواد المخدرة .
ولا يستطيع أن يكون في حالته الطبيعية بدون وجود المخدر في الجسم، وبالتالي فإن الشاب يكرر من تعاطي المواد المخدرة حتى يشعر بحالة السعادة التي تحدثها المواد المخدرة، وحتى يتفادى الأعراض الانسحابية التي تظهر عليه عندما يتوقف عن تعاطي المواد المخدرة.
وذلك يتسبب في الكثير من الأمراض التي تصيب الجسم، حيث أن الادمان للمواد المخدرة يؤدي إلى الإصابة بآلام شديدة في المفاصل إلى جانب أنه يسبب الغثيان والقيء وشيوع حالة نفسية سيئة جدا من الصعب على الإنسان أن يتحملها .
كما أنه يؤدي إلى الإصابة بأمراض خطيرة، هذه الأمراض تصيب الجهاز التنفسي فلا يستطيع أن يتنفس بسهولة، كما أنها تصيب الجهاز الهضمي فتسبب فقدان في الشهية واضطرابات في المعدة، إلى جانب الإصابة المباشرة في الجهاز العصبي، بالاضافه إلى الآثار السيئة التي يتركها الادمان على المخ.
ثانيا ، السبب الثاني في تعاطي المواد المخدرة هو أن الشباب يتخذون هذه المواد المخدرة كوسيلة للهروب من الواقع الذين يعيشون فيه، حيث أن الواقع العربي الآن يمتلئ بالكثير من التحديات على جميع الأصعدة وعلى جميع الاتجاهات وخصوصا في المجال الاقتصادي .
حيث أن نسبة الفقر تزداد يوما بعد يوم، إلى جانب أن نسبة البطالة تزداد أيضا، وذلك يصيب عدد كبير جدا من الناس بحالات من اليأس الشديد الذي يجعلهم يتعاطون المواد المخدرة للهروب من ذلك الواقع.
ثالثا ، السبب الثالث في ادمان المواد المخدرة هو التقليد الأعمى، حيث أن عدد كبير جدا من الشباب يقلدون بعضهم البعض في تعاطي مثل هذه المواد المخدرة، ولكنهم يتغافلون عما يترتب على هذا التعاطي مستقبلا من تدمير للصحة النفسية والجسدية.
ولكي يتوقف انتشار هذه المواد المخدرة فإن هناك عدة أدوار، هذه الأدوار يجب أن تقوم بها جميع المؤسسات والهيئات في المجتمع، تبدأ هذه الأدوار من الأسرة؛ حيث أن على الأسرة دور كبير جدا في توعية الأبناء بخطورة المواد المخدرة على صحتهم ومستقبلهم .
كما أن عليها دور الرقابة، حيث يجب أن تقوم بمراقبة تصرفات أبنائها وعليهم أيضا أن يكونوا على علم تام بجميع أصدقاء الأبناء، ذلك لأن للأصدقاء تأثير كبير جدا على بعضهم البعض، ولذلك فإنه من واجب الأسرة أن تكون على وعي بكل من يحيط بأبنائها من أشخاص.
كما أنه ينبغي على الأسرة إذا لاحظت تصرفات غريبة على أحد أفرادها، هذه التصرفات تمثل في الاحتياج إلى المال بكثرة دون وجود داعي ودليل مقبول، بالإضافة إلى العصبية المفرطة على غير العادة .
إلى جانب الميل إلى الوحدة والانعزال بشكل كبير، فإن على الأسرة أن تراقب جيدا سلوكيات هذا الفرد وإذا تأكدت تماما من أن هذا الفرد يتعاطى المواد المخدرة فإن عليها أن تتجه به إلى أقرب مصحة نفسية تعمل على علاج الادمان من المخدرات.
الدور الثاني يقع على عاتق المدرسة والمؤسسات التعليمية؛ حيث يجب توعية الأبناء من الطلاب والطالبات بخطورة المواد المخدرة على صحتهم، وعليهم أيضا أن يعلموا الطلاب تفصيلا هذه الأضرار التي ستحدث لهم إذا أقبلوا على تعاطي المواد المخدرة.
الدور الثالث يقع على دور العبادة؛ حيث أن لدور العبادة تأثير كبير جدا في سلوكيات الأفراد، فعليها دائما أن تحذر من خطورة المواد المخدرة وأن تنبه الأفراد إلى حرمانية تعاطي مثل هذه المخدرات لما فيها من تهلكة ودمار لحياة الفرد وأضرار سلبية تصيب المجتمع بأكمله.
كذلك فإن على وسائل الاعلام الدور الأكبر، حيث أن وسائل الاعلام تصل إلى كل المنازل، فعليها أن تكون إيجابية وتتخذ دورها في محاربة الادمان وذلك عن طريق انتاج المواد الاعلامية التي تفيد والتي تنصح المواطنين بالابتعاد عن المخدرات.
كما أن الأجهزة الأمنية في داخل الدولة يقع على عاتقها دور عظيم جدا في القيام بحملات مكثفة للقبض على تجار المواد المخدرة داخل البلاد، كما أن عليها أيضا فرض العقوبات الرادعة على مدمني المخدرات وتجارها.
كل هذه الأجهزة بالدولة إذا تكاتفت معا فإنه بالضرورة سيتم تقليل عدد المدمنين، كما أنه يجب على الدولة أن تعمل على توفير فرص العمل للشباب حتى لا يصابوا بالاحباط واليأس الذي يدفعهم إلى تعاطي مثل هذه المواد المخدرة.
وتتعدد المواد المخدرة التي يتعاطاها أبناء المجتمع، ولعل أكثر هذه المواد شيوعا بين أفراد المجتمع هو مخدر الحشيش، وذلك لعدة أسباب منها أنه يسهل تداوله حيث أنه يتم لفه وتدخينه مثل السجائر .
إضافة إلى أن سعره منخفض، بالإضافة إلى الترامادول الذي كان يستخدم في البداية كمسكن للألم بعد إجراء العمليات الجراحية الخطيرة؛ ولكن البعض قد ادمنوا على استخدامه لأنه يعمل على زيادة قدرة تحملهم للأعمال التي يقومون بها، وقد قامت الدولة بحظر تداول الترامادول وتم منع صرفه من الصيدليات بدون وجود روشتة موقعة من طبيب.
ويظن بعض المدمنين أنه لا يوجد علاج نهائي للادمان، ولكن ذلك غير صحيح فقد أكد الأطباء على إمكانية علاج الادمان من المواد المخدرة بشكل تام ونهائي، ويتم ذلك العلاج في المصحات المتخصصة تحت الإشراف الطبي الكامل .
ويتم العلاج من الادمان على عده مراحل؛ المرحلة الأولى من علاج ادمان المخدرات هي مرحلة سحب المخدر من الجسم، وتكون هذه المرحلة عن طريق منع المدمن من تناول أي مخدر .
وتظهر عليه أعراض الانسحاب فيقوم الاطباء بدفع بعض الأدوية إليه، هذه الأدوية تساعده على تخطي أعراض الانسحاب، وبعد ذلك يبدأ العلاج النفسي الذي يقوم به طبيب نفسي متخصص في علاج حالات الادمان على المواد المخدرة .
في هذه الجلسات النفسية يقوم الطبيب بإعادة تأهيل المدمن سلوكيا ونفسيا لكي يستعيد ثقته في نفسه وفي العالم من حوله، كما أنه يساعده على تحديد أهدافه والعمل على تحقيقها في ظل الابتعاد عن المواد المخدرة تماما.