تقول والدة أحد المدمنين المتعافين إن موضوع الإدمان من الموضوعات التي توجع قلوب أمهات كثيرات، مشيرة إلى أن الإدمان مؤلم للأهل ومدمر للأسرة بالكامل وليس الشخص المدمن وحده. فمثلًا إذا كان له أشقاء أصغر منه سنًا فإنهم يصابون بضرر نفسي بسبب ما لحق بأخيهم، كما يتسبب إدمانه في الإساءة لسمعة عائلته وما يعنيه ذلك من تأثير على مستقبل شقيقاته البنات وفرصهن في الزواج، خصوصًا إن كان يعيش في بيئات محافظة، وإن كان الإدمان على حد قولها لا يفرق بين البيئات المحافظة والغير محافظة.
وتؤكد أن الإدمان انتشر بشكل كبير خلال الفترة الماضية عن ذي قبل، موضحة أن سن الإدمان أنخفض كثيرًا حيث أصبح هناك مراهقين وأطفال يقعون في تلك المشكلة الصعبة.
وتشير إلي أنها وقفت بجانب ابنها ولم تتركه للإدمان كي يفترسه ويقضي على حياته وعلى مستقبله الدراسي، بل جاهدت من أجل منع ذلك، مضيفة أن أبنها عاد مجددًا للحياة مرة أخرى بعد أن خاض تجربة مريرة ومؤلمة، لافتة إلى أنه لم يقلع عن الإدمان من أول محاولة، وهذا هو الحال مع مرض الإدمان اللعين فنادرًا ما يتعافى منه أحدًا عند أول محاولة.
وتوضح أن العلاج من الإدمان يعتبر مكلف ماديًا بدرجة كبيرة، كما أنها كانت تنزف دمًا عند دخول أبنها لمركز العلاج من الإدمان حزنًا عليه، مؤكدة أنها لم تكن مؤمنة بأنه سيعود لحالته الطبيعية، بسبب الأعراض التي كان يعاني منها.
وتكشف عن أن العلاج من الإدمان يعتبر بمثابة الإنقاذ من الموت وليس من الضياع فقط كما يتصور البعض، منوهة إلى أن المشكلات النفسية والاجتماعية التي تُخلق مع الإدمان معقدة جدًا، ولها أبعاد وتداعيات خطيرة على المدمن وأسرته.
وعن تربيتها لابنها تحكي أم المدمن المتعافي أنها ووالده لم يدخرا جهدًا من أجل رفاهيته هو وأشقائه، موضحة أنهما لم يكونا يسرفان في تدليله وتلبية رغباته بقدر ما كانا يخططان لحياته بشكل مثالي، حيث ألحقاه بإحدى مدارس اللغات، ومنحوه عضوية نادي رياضي كبير، وكل ذلك من أجل أن ينهضا بمستواه العلمي والاجتماعي، ولكن كان لرفاق السوء التأثير الأقوى عليه، وأخذوه معهم إلى طريق الخراب.
وتنبه الأم إلى جزئية مهمة وهي أنها ووالده لم يشكا يومًا في أن أصدقاء ابنهما المتعافي يدمنان على المخدرات، مرجعة ذلك لهيئتهم الطبيعية وسلوكهم الظاهر العادي والغير مريب، بجانب أنهم ينتمون لعائلات لها سمعتها الطيبة.
كما تؤكد أنها وأسر هؤلاء اكتشفوا إدمانهم فجأة، والمثير للدهشة أن كل أصدقاء أبنها وجدوا مدمنين ويتعاطون منذ أكثر من سنة، وعلى مواد مخدرة شديدة الخطورة، مشيرةً إلى أن وقع ذلك كان بمثابة الصدمة الشديدة عليهم، حيث احتاجوا لبعض الوقت لاستيعاب الأمر والتعرف على كافة جوانبه والمسارات والأسباب التي دفعت أبنائهم نحو الإدمان على المخدرات.
ومن الأمور الغريبة في تلك القصة أن أسرة ذلك المدمن لم تكن تعرف الكيفية المناسبة في البداية للتعامل معه ومع إدمانه، حيث شغلهم قلقهم البالغ عليه، خصوصًا مع ظهور أعراض الانسحاب عليه، وبسبب جهلهم بالإدمان وأعراضه خاضوا مع ابنهم عدد من التجارب الفاشلة للإقلاع عنه.
ولكنها تعود لتؤكد أنها وبمساعدة المتخصصين في أحد مراكز علاج وتأهيل المدمنين ورغم الصعوبات التي واجهتها هي ووالده في البداية، تمكن أبنها من الشفاء التام من الإدمان وعاد لطبيعته، بعد أن لقنه الإدمان درسًا لن ينساه طيلة حياته، كما لن تنساه هي ووالدة وأشقائه، واصفة الفترة التي تلت اكتشافها لإدمان أبنها على المخدرات بأنها شهور الرعب والحسرة على أعز الناس.