يعتبر الادمان، محنة أو أزمة، قد يصنعها المجتمع، الاهل، الاصدقاء، أو المدمن لنفسه، حيث تتعدد الظروف والملابسات التي تؤدى إلى السقوط فيه، والتي من بينها حب الاستطلاع، التجربة، الأقران او الاصدقاء، المشاكل والضغوط النفسية والاجتماعية، طبيعة الشخصية (الشخصية الهروبية ــ الانسحابية)، وهي الشخصية التي تحب مواجهة المشاكل وحلها، (الشخصية غير المسئولة)، الاسرة وإهمالها لتربية ابناءها، غياب القيم الدينية، وسائل الاعلام، وانتشار المخدرات بالمجتمع.
والمدمن هو شخص يعتاد على تعاطى المواد المخدرة، او الكحوليات، بالدرجة التي تتأثر معها حياته، وتصبح معها المادة الادمانية هي هدفه الشاغل، بالإضافة الى انسحابه من عالم الواقع، الى عالم الادمان الافتراضي، بمشكلاته وتقلباته.
والادمان، هو عادة يقوم بها الانسان، ولا يستطيع الاستغناء عنها، ويظهر تأثيرها فى سلوكياته وتصرفاته، وهناك مواد ادمانية كثيرة، مثل المثبطات (الهيروين)، والمنشطات (الكوكايين)، المهلوسات (الحبوب المؤثرة على الحالة النفسية ــ الحشيش)، وكل هذه المواد تؤدى الى اضطرابات او خلل، في وظائف المخ، بالشكل الذي يؤثر على الحالة النفسية والجسدية.
وهناك بعض الاشخاص الذين يتناولون بعض الجرعات المخدرة، على فترات متباعدة، ولكن بعد فترة يضطر الى تقليل الفترة الزمنية بين مرات التعاطي، للحصول على نفس التأثير، بالدرجة التي يصبح معها تدريجيًا، مدمنًا، معتادًا على التعاطي، كالآخرين.
ويعاني المدمن من الاعراض الادمانية، وهي التي لا تمكنه من عمل فرق زمني بين جرعات التعاطي، حيث يتعرض للتعب وانسحاب المخدر من جسمه، وما يترتب على ذلك من تأثير على حالته النفسية والعصبية، بالإضافة الى عدم قدرته على العمل، وممارسة الانشطة اليومية.
وعادة ما يقوم المدمن بتجربة انواع متعددة من المخدرات والكحوليات، قبل ان يستقر على نوع معين، يشعر بتعاطيه بالنشوة المنشودة التي يريدها، ويعتبره مخدره الأساسي، وخلال محاولات الاقلاع عن التعاطي ذاتيًا، يقوم المدمن بالتخلي عن مخدره الأساسي، ويحاول تعاطى انواع اقل تأثيرًا منه، مثل لجوء مدمن الهيروين الى تعاطى حبوب الترامادول مثلا، ولكن الدراسات العلمية، تؤكد انه في الغالب يفشل في ذلك، ويعود في النهاية الى تعاطيه مرة اخرى.
ويمكن اكتشاف اعراض الادمان على المدمنين، من خلال بعض المظاهر الجسدية، كشحوب الوجه، انطواء المدمن، فقدانهم للشهية، سلبيتهم وعدم تجاوبهم مع الفعاليات الاجتماعية، الشرود الذهني، الكذب والتبرير المستمر، كما يمكن اكتشاف ذلك عن طريق البحث في ادواته وملابسه، فمن الممكن ان يترك المدمن اثاراً تدل على تعاطيه للمخدرات.
يبدأ علاج الادمان من المخدرات بإقناع المدمن بالتوجه الى أحد الاطباء المتخصصين لمساعدته في العلاج من التعاطي بشكل سليم، وإذا رفض ذلك، فيمكن اقناعه عن طريق التوعية، وابراز النماذج المتعافية له، بالإضافة الى تحذيره من اخطار بقائه في دائرة المخدرات، وتأثيرها السلبي على حياته ومستقبله.
وفيما يتعلق بالعلاج، فإن نوع المخدر، ومدة الادمان، هما من يحددان فترة العلاج، والتعافي منه، وتبدأ بتنظيف الجسم من المادة المخدرة، ثم يليها مرحلة التأهيل والتعافي، ويتم فيها توعية المدمن وتعديل سلوكياته، وتوعيته، ورفع معنوياته، والعمل على تحسين صحته النفسية والجسدية.
كما تتطرق برامج التعافي من الادمان إلى معالجته من السمات الادمانية، والتي صبغ الادمان شخصية المدمن بها، التي قد تدفعه فيما بعد الى العودة مرة اخرى للتعاطي، والانتكاس. وبعد نحو 40 يومًا، من التوقف عن التعاطي، يصبح المدمن أكثر قابلية للنصح والارشاد، كما يصبح أكثر اتزانًا وواقعية، نظرًا لخروجه من عالم التعاطي الافتراضي، وبالتالي يكون أكثر تفاعلية مع الانشطة الاجتماعية.
ويحتاج المدمن ايضًا الى التأهيل، وخصوصًا متعاطي المواد القوية مثل (الهيروين ــ الكوكايين)، حتى يستطيع العودة للتعامل مع المجتمع، وتحمل ضغوط ومشكلات الحياة.
بقلم/ د. سيد صابر | أستاذ الفلسفة وخبير التنمية البشرية